ثم رفع لنا البيت المعمور فقلت: يا جبريل ما هذا؟ قال: البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه لا يعودون فيه. ثم رفعت لنا سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار يخرجن من أسفلها فقلت: يا جبريل ما هذه الأنهار؟ قال: أما النهران الظاهران فالنيل والفرات، وأما الباطنان فنهران في الجنة. ثم أتيت بإناءين من خمر ولبن فاخترت اللبن. فقيل لي: أصبت أصاب الله بك أمتك على الفطرة. وفرضت علي خمسون صلاة فأقبلت بها حتى أتيت على موسى، ﵇، فقال: بم أمرت؟ قلت: بخمسين صلاة كل يوم، قال: أمتك لا يطيقون ذلك فإني قد بلوت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك جل وعز فاسأله التخفيف. قال: فرجعت إلى ربي فحط عني خمسًا، فأتيت على موسى، ﵇، فقال: بم أمرت؟ فأنبأته بما حط عني فقال مثل مقالته الأولى، فما زلت بين يدي ربي جل وعز أستحط حتى رجعت إلى خمس صلوات، فأتيت على موسى، ﵇، فقال: بم أمرت؟ فقلت: بخمس صلوات كل يوم. فقال: أمتك لا يطيقون ذلك، فارجع إلى ربك جل ذكره واسأله التخفيف. فقلت: لقد رجعت إلى ربي ﵎ حتى استحييت، لا ولكني أرضى وأسلم. فلما جاوزت نوديت أني قد خففت عن عبادي وأمضيت فريضتي وجعلت بكل حسنة عشرًا أمثالها.
وانظر إلى رونق ألفاظه، ﵇، وصحة معانيه وموضع ذلك من القلوب مع قلة تعميقه وبعده من التكلف كقوله، ﷺ: زويت لي الأرض حياءً فأريت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها، قوله زويت جمعت. ومثله: إن المسجد لينزوي من النخامة كما تنزوي الجلدة في النار، ولا يكون الانزواء إلا بانحراف مع تقبّض.
وقال: إن منبري هذا على ترعة من ترع الجنة، وهي الروضة تكون في المكان المرتفع.
وقال: إن قريشًا قالت إني صنبور، وهي النخلة تبقى منفردة ويدق أصلها، تقول إنه فرد ليس له ولد فإذا مات انقطع ذكره.
وقال في أبي بكر، ﵁: ما أحد من الناس عرضت عليهم الإسلام إلا كانت له كبوة غير أبي بكر فإنه لم يتلعثم، أي لم ينتظر ولم يمكث، والكبوة مثل الوقعة.
وقال في عمر، ﵀: لم أر عبقريًا يفري فريه، والعبقري السيد، يقال: هذا عبقري قومه أي سيدهم، ويفري فريه أي يعمل عمله.
وقال في علي بن أبي طالب، رضوان الله عليه: إن لك بيتًا في الجنة وإنك ذو قرنيها، يريد أنه ذو طرفيها.
وقال في الحسين بن علي، رحمهما الله، حين بال عليه وهو طفل فأُخذ من حجره: لا تزرموا ابني، الازرام القطع، يقال للرجل يقطع بوله ازرم.
وقال في الأنصار: إنهم كرشي وعيبتي ولولا الهجرة لكنت امرأً منهم، أي من الأنصار، الكِرش الجماعة، والعيبة أي هم موضع سري ومنه أُخذت العيبة.
وقال، ﷺ: لعن الله النامصة والمتنمصة والواشرة والموتشرة والواصلة والموتصلة والواشمة والموتشمة، فالنامصة التي تنتف الشعر من الوجه، ومنه قيل للمنقاش المنماص، والمتنمصة التي تفعل بها ذلك، والواشرة التي تشر أسنانها وذلك أنها تفلجها وتحددها حتى يكون لها أشر، والأشر تحدّد ورقّة في أطراف الأسنان، والواصلة والموتصلة التي تصل شعرها بشعر غيرها، والواشمة المرأة تغرز ظهر كفها ومعصمها بإبرة حتى تؤثر فيه وتحشوه بالكحل.
وذكر أيام التشريق فقال: هي أيام أكل وشرب وبعال، يعني النكاح. وقال: يحشر الناس يوم القيامة حفاة بهمًا، وهو البهيم الذي لا يخلط لونه لون سواه من سوادٍ كان أو غيره، يقول: ليس فيهم شيء من الأمراض والعاهات التي تكون في الدنيا.
وقال في صلح الحديبية: لا إغلال ولا إسلال، الإسلال السرقة، والإغلال الخيانة.
وقال: اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب والحور بعد الكور، الحوب إذا كان بالباء والكون إذا كان بالنون تقول يكون في حالة جميلة فيرجع عنها، وإذا كانا جميعًا بالراء فهو النقصان بعد الزيادة.
وقال، ﵇: خمّروا آنيتكم وأوكوا أسقيتكم وأجيفوا الأبواب وأطفئوا المصابيح واكفتوا صبيانكم فإن للشيطان انتشارًا وخطفة، يعني بالليل، التخمير التغطية، والإيكاء الشد، واسم الخيط الذي يشد به السقاء الوكاء، واكفتوا يعني ضمّوهم إليكم.
1 / 13