মাদিনা ফাদিলা
المدينة الفاضلة عند فلاسفة القرن الثامن عشر
জনগুলি
والصيحة: «هلموا إلى العمل» شيء والعمل شيء آخر، فالعقبات كثيرة جدا لا حصر لها، هذا من حيث العمل، ولكن الأمر ليس أمر عمل فحسب؛ فسلامة الفكرة ذاتها كانت موضع شبهة، فإنك إن دققت النظر في استدلالات لوك الطويلة العريضة، فلن تستطيع أن تخفي عن نفسك ملاحظة تبعث على القلق والحيرة، هي هذه: بما أن الطبيعة صنع الله، وبما أن الإنسان صنع الطبيعة فكل ما يخطر ببال الإنسان، وكل ما يفعله الإنسان في الماضي والحاضر والمستقبل، لا بد أن يكون شيئا طبيعيا ومتفقا مع قوانين الطبيعة وقوانين رب الطبيعة، جال شيء من هذا في صدر باسكال حينما ساءل نفسه: «لم تكون العادة أمرا لا طبيعيا؟» ومهما يكن الجواب فإننا لا يزال عند السؤال: إن كان كل شيء جرى ويجري وسيجري طبيعيا، فكيف يتأتى أن يكون للإنسان أفعال وعادات متنافرة مع الطبيعة؟ وهل يجوز لنا أن نعتبر مخرجا من الإشكال ما ذهب إليه الشاعر إسكندر بوب من عدم وجود تنافر؟ إذ جاء في قصيدته المشهورة «الإنسان» ما يأتي:
ما الأشياء جميعها إلا أجزاء من كل واحد ترد عظمته الطرف كليلا
هذا الكل الطبيعة جسده والله روحه
وما يظهر لأبصارنا شقاقا هو ائتلاف خفيت عنا حقيقته
وما الشر إلا شيء جزئي غايته الخير العميم.
وعلى الرغم مما يذهب إليه الغرور، وعلى الرغم من العقل الضال، فإن هناك حقيقة واحدة واضحة كل الوضوح هي: أن كل شيء كائن حق.
54
والشاعر يخاطب العقل، ولكن كلامه ليس جوابا، بل هو هروب من الإجابة، هو مصادرة على المطلوب، فإن تقرير الشاعر أن كل شيء كائن حق سلب كلمة حق أي معنى تفيده، اللهم إلا أن عندنا سيرتنا الأولى، فجعلنا على أعيننا غطاء من الإيمان النصراني، وهذا ما فعله الشاعر بوب في الواقع، تأثر خطا القديس توماس حين كتب عشرين مجلدا، لينزل السكينة على عالم كان على شفا جرف هار من الشك، عشرين مجلدا ليعلن للناس أن وجود الباطل حق، هكذا الدنيا، وعلم ذلك عند الله وحده.
وللشاعر رخصته، له إن أراد إرسال المثل السائر أو التماس راحة الضمير أن يرجع إلى اللاهوتيين السالفين، ولكن هل يستطيع الفلاسفة أن يفعلوا هذا دون أن ينكروا مقدمات استدلالاتهم وشهادة الإدراك الفطري، وكيف يتأتى لهم هذا وقوام فلسفتهم أن وجود الله وإرادته الخير يستدل عليها المؤمنون بما يشاهدون من أحوال العالم، لقد قالوا في هذا ما قاله نيوتون، وكرروا القول حتى صار حديثا معادا، وشارك الفلاسفة فيه اللاهوتيون المسيحيون المستنيرون، حين سعوا جهد سعيهم للإتيان بحجج ترد لليقين المفرطين في الشك،
55
অজানা পৃষ্ঠা