وجملة ما كتب في شرح قصيدة كعب، وما قيل في تشطيرها وتخميسها، يبين أثرها في اللغة والأدب، ولولا ما في ألفاظها من الوعورة لشاعت في البيئات الصوفية وأصبحت من جملة الأوراد، وكان لها ما صار للبردة من السيرورة بين العوام والخواص.
ومن أسباب وقوفها عند الدوائر الأدبية واللغوية ما جاء فيها من الوصف المطول للناقة، فإنه من المعاني «المحلية» التي لا يتذوقها غير الأعراب. (7)
ويأتي بعد شعر الأعشى وشعر كعب شعر حسان بن ثابت، وهذا الرجل كان أكبر شعراء الرسول، ويمتاز بالصدق والإخلاص، ولكن شعره على قوة روحه لا يكاد يضاف إلى المدائح النبوية التي ندرسها في هذا الكتاب، فقد كان يمدح الرسول ويقارع خصومه على الطرائق الجاهلية، وكان الرسول أوصاه أن يتعلم الأنساب من أبي بكر ليكون شعره أوجع في الهجاء، وكذلك استطاع بفضل ما عرف من أنساب قريش أن يهجوهم هجاء موجعا كان النبي يراه أشد عليهم من وقع النبل.
وأقوى قصيدة في مدائح حسان هي العينية، والظرف الذي قيلت فيه يعين مذهب الشاعر: فهو يقارع الخصوم ويلاحيهم، ويتخذ مدح الرسول ومدح أهله سنادا لما عمد إليه من المقارعة والملاحاة. ومن حديث هذه العينية أن وفد تميم لما قدموا على النبي قالوا: جئنا لنفاخرك، وقد جئنا بشاعرنا وخطيبنا، فقام خطيبهم عطارد بن حاجب فتكلم، وقام خطيب الرسول ثابت بن قيس فأجاب، ثم قام شاعرهم الزبرقان بن بدر فقال:
نحن الكرام فلا حي يعادلنا
منا الملوك وفينا يقسم الربع
19
وكم قسرنا من الأحياء كلهم
عند النهاب وفضل العز يتبع
20
অজানা পৃষ্ঠা