ম্যাকিয়াভেলি: খুব ছোট পরিচিতি
مكيافيللي: مقدمة قصيرة جدا
জনগুলি
الفصل الثالث
منظر الحرية
مع انتهاء مكيافيللي من كتاب «الأمير»، تجددت آماله في العودة إلى موقع حكومي مؤثر؛ فقد كتب إلى فيتوري في شهر ديسمبر عام 1513 أن منتهى تطلعاته كانت لا تزال تتمثل في أن يجعل من نفسه «نافعا لحكامنا من عائلة مديتشي، حتى إذا بدءوا بتكليفي بدحرجة حجر.» وتساءل عما إذا كانت أكثر الطرق فعالية لتحقيق طموحه هذا هي الذهاب إلى روما «بأطروحتي الصغيرة هذه» كي يقدمها شخصيا إلى جوليانو دي مديتشي، فيبين له بذلك أنه «قد يسر كثيرا بتلقي خدماتي» (م 305).
في بادئ الأمر بدا أن فيتوري على استعداد لدعم هذه الخطة؛ إذ رد بأن مكيافيللي يجب أن يرسل له الكتاب، حتى «يتسنى لي أن أرى ما إذا كان من المناسب تقديمه» (م 312). وحينما أرسل مكيافيللى - حسب الاتفاق - النسخة المنقحة التي كان قد بدأ إعدادها للفصول الافتتاحية، قال فيتوري إنه «سعيد بها للغاية»، لكنه احتاط بأن أضاف قائلا: «لا أرغب في إصدار حكم نهائي؛ نظرا لأن بقية العمل ليست لدي» (م 319).
لكن سرعان ما تبين جليا أن آمال مكيافيللي ستنقطع من جديد؛ ذلك لأن فيتوري بعدما قرأ كامل نص كتاب «الأمير» في بدايات عام 1514، رد بصمت لا يبشر بخير، فهو لم يشر مرة أخرى إلى الكتاب، وإنما بدأ يملأ رسائله بثرثرة مشتتة للانتباه عن آخر علاقاته الغرامية. ورغم أن مكيافيللي أجبر نفسه على أن يرد عليه بروح مماثلة، كان لا يكاد يستطيع إخفاء قلقه المتصاعد. وبحلول منتصف العام، بات يدرك أخيرا أن كل هذا لا طائل من ورائه، وكتب في مرارة كبيرة لفيتوري ليقول إنه لن يواصل النضال، وقال لقد بات واضحا «أنني سأضطر لأن أظل أحيا هذه الحياة البائسة، دون أن أعثر على رجل واحد يتذكر خدمة قدمتها أو يعتقد أنني قادر على فعل أي خير» (م 343).
بعد خيبة الأمل هذه شهدت حياة مكيافيللي تغيرا دائما؛ فهو لما تخلى عن كل أمل في العودة للعمل الدبلوماسي، بدأ أكثر فأكثر يرى نفسه أديبا. أبرز علامات هذا التوجه الجديد أنه بعد سنة أخرى أو أكثر من «الخمول الشديد» في الريف، بدأ يشارك مشاركة مهمة في الاجتماعات التي عقدتها مجموعة من الفلاسفة الإنسانيين والأدباء، الذين كانوا يلتقون بانتظام في حدائق كوزيمو روتشيللاي على مشارف فلورنسا، من أجل التحاور المفيد والترفيه عن أنفسهم.
جانب من هذه المناقشات التي كانت تعقد في حديقة أورتي أوريتشلاري كان ذا طابع أدبي. كانت المناقشات تتضمن مناظرات حول المزايا المتنافسة للغتين اللاتينية والإيطالية من حيث كونهما لغتين أدبيتين، وكانت تتضمن قراءات بل وعروضا مسرحية أيضا. كان تأثير ذلك على مكيافيللي يتمثل في توجيه طاقاته الخلاقة في اتجاه جديد كليا؛ فقد قرر أن يكتب مسرحية من تأليفه، وكانت ثمرة ذلك مسرحية «ماندراجولا»، الكوميديا البارعة والموجعة في ذات الوقت عما تقوم به امرأة شابة وجميلة متزوجة من إغواء لقاض عجوز. كانت النسخة الأصلية قد أنجزت على الأرجح عام 1518، ويحتمل أنها قرئت على مسامع أصدقاء مكيافيللي في حديقة أورتي، قبل أن تعرض على الجمهور لأول مرة في فلورنسا وروما خلال العامين التاليين.
لكن من الواضح أن أكثر النقاشات حدة في حديقة أورتي كانت تتناول موضوعات سياسية؛ فقد روى أنطونيو بروشيولي أحد المشاركين في الاجتماعات في عمله الفلسفي «الحوارات» أنهم كانوا لا يكفون عن مناقشة مصير الأنظمة الجمهورية: كيف تبلغ العظمة، وكيف تحافظ على حرياتها، وكيف تنحدر وتسقط في براثن الفساد، وكيف تصل في نهاية المطاف إلى مرحلة الانهيار الحتمية. ولم يكن اهتمامهم بالحرية المدنية يعبر عن نفسه بمجرد كلمات؛ فقد أصبح بعض أعضاء الفريق معارضين شرسين لعودة «استبداد» عائلة مديتشي إلى حد أنهم تورطوا في مؤامرة فاشلة لاغتيال الكاردينال جوليو دي مديتشي عام 1522. كان من بين من أعدموا بعد فشل المؤامرة ياكوبو دا دياتشيتو، ومن بين من حكم عليهم بالنفي زانوبي بونديلمونتي ولويجي ألاماني، وبروشيولي نفسه. كان كل هؤلاء أعضاء بارزين في وسط أورتي أوريتشلاري، أو الاجتماعات التي انتهت نهاية مفاجئة بعد فشل محاولة «الانقلاب».
لم يكن مكيافيللي قط ذا انتماء حزبي متعصب للحرية الجمهورية بدرجة تدفعه لأن يشارك في أي من المؤامرات المتعددة المناهضة لحكم مديتشي، لكن من الواضح أنه تأثر تأثرا شديدا باتصالاته بكوزيمو روتشيللاي وأصدقائه. إحدى نتائج مشاركته في مناقشاتهم تمثلت في أطروحته عن «فن الحرب»، التي نشرها عام 1521. فهذا العمل مكتوب بالفعل في شكل محادثة تجري في حديقة أورتي أوريتشلاري؛ حيث يطرح روتشيللاي الحجة بينما يؤدي بونديلمونتي وألاماني دوري المتحاورين الرئيسيين. لكن أهم ما نتج عن علاقة مكيافيللي بهؤلاء المتعاطفين الجمهوريين تمثل في قراره أن يكتب «المطارحات»، أطول أعماله وربما أكثرها ابتكارا عن فن الحكم. لم يكتف مكيافيللي بإهداء هذا العمل إلى روتشيللاي وبونديلمونتي، وإنما نسب لهما الفضل في كتابته لهذا العمل صراحة في إهدائه؛ لأنهما «دفعاني لكتابة ما لم أكن لأكتبه أبدا من تلقاء نفسي» (188).
السبيل إلى العظمة
অজানা পৃষ্ঠা