وفي تبري رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من التكلف لشيء(1) من فروع أحكام الله عز وجل وفرضه، وما جعل من برهانه ودينه، ما يقول الله تبارك وتعالى: {وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي}[الأعراف: 203].
فإن قال قائل: ما معنى قول من يقول: سنة؟ وما معنى دعاء من دعا إلى الكتاب والسنة؟
قيل له: معنى الدعاء إلى ذلك هو: الدعاء إلى الأصول الموصلة، والجمل المجملة، والآيات المنزلة. وإلى الفروع المفرعة، والأحكام المحكمة، والشرائع المبينة، والطاعات المفترضة.
والكتاب فهو جزء من وحي الله وأحكامه، وسنته جزء آخر من وحي الله وتبيانه. فسمى الوحي الذي فيه أصول المحكمات من الأمهات المنزلات قرآنا؛ لأنه جعل الأصول إماما وقواما، وللفروع المفرعات أصولا وتبيانا. وسمى الجزء الثاني من وحي الله عز وجل وفرائضه سنة وبرهانا. فكان ما يتلى في آناء الليل والنهار أحق بأن يسمى قرآنا؛ لما فيه من واجب التلاوات، وما يتعبد به المتعبدون من الدراسات، وكان ما فسر به المجملات، مما بين به المتشابهات من الفروع المبينات، أولى بأسماء السنة في الباين من اللغات؛ لأن معنى السنة، هو: التبيين للموجبات للحجة. لقول العرب: سن فلان سنة، تريد بين أمرا، وشرع خيرا، وجعل شيئا يستن به فيه. ومعنى: يستن به، أي يقتدى به فيه ويحتذا.
وكذلك وعلى ذلك يخرج معنى قول القائل: سن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذا وكذا، يريد أظهر وبين ما جاء به من عند الله. والسنة فهي الأحكام المبينة، والفرائض المفصلة، فهي لله سبحانه ومنه، لا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا عنه، وليس له فيها فعل غير التبليغ والأداء، والنصيحة(2) والإبلاء.
পৃষ্ঠা ৬৬৪