والوجه الثالث: فخطأ من أفعال العباد، يجب للنبي عليه السلام فيه الأدب على فاعله، وهو مثل رجل لو ضم امرأة إليه، أو قبلها، أو نظر إلى شعرها أو بشرها، فلرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الاختيار في أدبه وتعزيره، على قدر ما كان من فعله وجرمه، يقل الأدب أو يكثر، على قدر ما يرى من بلوغ الأدب، وجزع(1) المؤدب.
وكذلك الأئمة لها في ذلك الاختيار، تعزر بما رأت، يقل الأدب أو يكثر، على قدر ما ترى من عظم الجرم وصغره، وبلوغ الأدب في المؤدب، واحتماله للأدب، عليها فرض أن تعمل النظر في ذلك، وتتحرى التنكيل للمؤدبين، قل الضرب في ذلك أو كثر، تطلب بلوغ جزع المؤدب والإبلاغ منه؛ بما ترى فيه من الصلاح له.
والوجه الرابع فهو: اللمم الذي ذكر الله، وهو فعل لا يجب فيه الحد لله، ولا لرسوله ولا للأئمة أدب. واللمم فهو: ما ألم به صاحبه من غير تعمد ولا اعتقاد، ولا هم ولا عزم، مثل: النظر عن غير تعمد، والمزاحمة للمرأة عن غير قصد، وما أشبه ذلك مما لم يتقدم له ذكر في ذلك على فاعله، ولم يقصد به اجتراء على خالقه، ولا تعمدا لإتيان معصية(2)، ولا استحلال محرم فهذا معنى اللمم الذي ذكره الله سبحانه.
ومن الحجة على من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرع من ذاته شيئا من الفرائض المحكمات، أو شرع من ذاته شيئا من الأحكام المشروعات؛ أن يقال له: خبرنا عن فعل الله، هل هو فعل نبيه؟ وعن فعل نبيه هل هو فعله؟
فمن أصل قوله إذا كان موحدا، وبالله عارفا، أن يقول: لا، ثم يقول: فعل الله خلاف فعل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وفعل محمد خلاف فعل الله عز وجل. فيقال له حينئذ: ألا ترى أن هذا الذي ذكرت أن محمدا فرعه وشرعه وفصله، وأمر العباد بفعله؛ هو فعل لمحمد؟ فإذا قال: نعم، قيل له: أفليس فعل محمد خلاف فعل الله؟
পৃষ্ঠা ৬৬২