88

إنه مؤنس - ولم يكن يعرف بعد كيف يحسب - من ابتدع هذا التعبير ليشير به إلى أعلى رقم يمكن تخيله، كان يقول: «أحبك اثنين، ثلاثا ... حتى نهاية الحساب!»

كنا نذلل الصعوبات ونحن نسخر منها قائلين لها: «أعرف أنك هناك، لكني مع ذلك متماسك. وإني على يقين من أنني سأنتصر عليك ... ويقال إنني كنت أريد أن أكتب لك أشياء عذبة! ... اهدئي، إننا لن نسقط ... وإن حدث وسقطت، فسأفعل كالقطط ... إذ إني سأسقط على قدمي.»

وفي يوم ذكرى زواجنا، ارتكب «حماقة» المجيء لمدة أربع وعشرين ساعة، لكنه لم يستطع الاحتمال.

لم تحمل لنا هذه السنوات الثلاث لحسن الحظ مجرد الخيبات والمرارات. كنت قد خشيت كثيرا أول افتتاح للجامعة بعد هذه الأحداث، ولقد كانت تلك لحظة أليمة في الحقيقة. ومع ذلك، فقد كان ثمة أساتذة أجانب لا يريدون العودة إلى مصر، وكان ذلك مرا ومشجعا في آن واحد؛ إذ أعلن بيرجشتراسه على الفور أنه لن يعود ما دام طه حسين بعيدا عن الكلية. ولم يكن «وادل

Waddell » و«جرانت

Grant » هناك. أما الأساتذة الإنجليز الذين بقوا فقد كانوا ممتازين ومهذبين وودودين. وكانت هناك - من بين سيل الرسائل والبرقيات التي انهالت علينا في ربيع 1932، وكلها رسائل قيمة ومؤثرة - رسائل بليغة الأثر حقا. وسأختار منها رسالتين، جاءت أولاهما من روما، وأرسلها مستشرق اضطهدته الفاشية، هو «ليفي ديللا فيدا

Levi Della Vida »:

140 ... أحزنتني هذه الأخبار بصورة عميقة. إن تاريخ النضال من أجل الحرية العلمية لم يستكمل مسيرته بعد، لكن ذلك سيتحقق يوما ما وإني على اقتناع بذلك، وسيتحقق ذلك بانتصار روح الحرية والحقيقة. إن المأساة التي أصابتكم ستكون عارضة، وإني لعلى يقين من ذلك لأن قضية كقضيتكم، بل أقول كقضيتنا، هي من القضايا التي لم تكن خاسرة في يوم من الأيام. وإني مفعم إيمانا بالمستقبل الذي سيكون لنا دون أدنى قدر من شك ... أو لأطفالنا. وأود أن أكرر لكم مرة ثانية أنني مرتبط بكم بأعظم قدر من الإعجاب وبأعمق الود.

صديقكم

أما الرسالة الأخرى فقد أرسلها أستاذ تاريخ بريطاني قديم كان يعلم في الكلية منذ عدة سنوات. لقد وجه رسالته إلي:

অজানা পৃষ্ঠা