ثانيا: المراد بالفتح المذكور في الآية فتح الحديبية لا فتح مكة[23] لأن السورة نزلت قبل فتح مكة.
ثم نقول: على افتراض أن الفتح هنا غير محدد وأننا لا نعرف هل هو فتح الحديبية أو فتح مكة فإنه إذا كان المراد فتح الحديبية فتكون هذه الآية شاملة المهاجرين والأنصار (من أنفق من قبل الفتح وقاتل)، وتفضلهم على من جاء بعدهم إلى فتح مكة فقط، فلا يدخل في المتفاضلين الطلقاء، ولا العتقاء، ولا غيرهم؛ ممن لم يقاتل ولم ينفق في هذه الفترة (في فترة البرزخ)؛ لأن سورة الحديد نزلت قبل فتح مكة، وعلى هذا فهم خارج دائرة المفاضلة فلا يشملهم هذا التفاضل، ثم هي مقيدة بالإنفاق والقتال أيضا؛ ومثلما الثناء على المهاجرين والأنصار لا يشملنا؛ لأن نزول القرآن فيهم لا فينا، فكذلك الثناء على المسلمين من بعد الحديبية إلى فتح مكة لا يشمل من أسلم عام الفتح أو بعد ذلك لنزول القرآن فيمن قبلهم فهذا وجه.
الوجه الآخر: وإذا كانت الآية شاملة لهؤلاء المسلمين بعد الفتح فهي شاملة أيضا لمن بعدهم إلى زماننا أيضا؛ ولا دليل على التخصيص!!، بدليل قوله تعالى: (من بعد وقاتلوا) بالإطلاق دون تقييد وهذا لا يقول به هؤلاء للأسف وإنما يقصرون ذلك على من رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بلا دليل، وعندئذ يبقى شرط (الإحسان) الذي سبق في الآية السابقة، بمعنى أن الله وعد بالجنة المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان!!، أما المتبعون بغير الإحسان فلا يقال فيهم هذا.
পৃষ্ঠা ৩১