( والذين سبقونا بالإيمان) ليس المقصود منهم إلا المهاجرين والأنصار فقط، كما تدل عليه الآيات السابقة دلالة واضحة وعلى هذا فلا حجة للذين يستدلون بهذه الآيات على وجوب السكوت عن دراسة التاريخ وذم بعض الظلمة ممن وصف بالصحبة كبسر ومعاوية والوليد -بحجة الإمساك عما شجر بين الصحابة-وهي قاعدة غير صحيحة[19] فلا بد من ذكر الظالمين بظلمهم والعادلين بعدلهم حتى يعرف الناس موطن القدوة والتأسي من السلف!!.
ولذلك يقول البغوي في تفسير قوله تعالى: (والذين جاؤوا من بعدهم) يعني التابعين وهم الذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار إلى يوم القيامة...أه[20].
أقول: فهذا إقرار وتفسير صحيح من البغوي رحمه الله بأن من بعد المهاجرين والأنصار يسمون (التابعين)! يعني أن الناس من خالد بن الوليد وعمرو بن العاص[21] مرورا بمعاوية والوليد وانتهاء بنا في هذا العصر ومن يأتي بعدنا من التابعين ومأمورون بحب المهاجرين والأنصار الذين قام عليهم الإسلام حتى استوى، ومأمورون بالدعاء لهم والاستغفار لهم؛ لأنهم السبب بعد الله ورسوله في قيام دين الإسلام وظهوره، بل من أسلم بعد الحديبية إلى فتح مكة مأمورون بهذا ابتداء، ومن بعدهم من باب الأولى.
النص الرابع.. من النصوص القرآنية:
قوله تعالى: (ومالكم ألا تنفقوا في سبيل الله وله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير)[22].
أقول: الغريب أن بعض المؤلفين يستدل بهذه الآية على أن كل الصحابة (حسب مفهومهم للصحبة) في الجنة!!؛ لأن الله قد وعد المتقدمين منهم والمتأخرين بالجنة، ووعده حق لن يخلفه؟! وللجواب على هذا:
أقول:
أولا: الوعد للمجموع وليس للأفراد فقد يشذ أفراد عن القاعدة بالفسق والظلم كما شذ بعضهم بالردة!!.
পৃষ্ঠা ৩০