أعلى فأعلى إلى أعلى أعاليه
حتى تناهى وقلب المرء تلهبه
نار من الحب يذكيها وتذكيه
نار من الشوق في قلب المشوق ثوت
تذكو فيصلى ويغذيها فتفنيه
ما زال والنار تذكو في جوانبه
حتى تفانى بما قد كان يحييه
قال أحد الحكماء: «إذا كان الإنسان الكامل دليلا على الجنين، فبالأولى أن يكون الاجتماع دليلا على سائل الموجودات التي تؤلف الطبيعة، وعلى السنن الفاعلة فيها حتى طبيعتها أيضا؛ لأن الاجتماع أولى باسم العالم الأصغر من الإنسان نفسه.»
3
قد رأينا فيما مر أن كل اجتماع إنما هو تعاون، يبتدئ طبيعيا بمحبة الذات والشوق، وينتهي عقليا باتفاق الإرادات أو التراضي في البشر. لكن ما هي محبة الذات؟ أو ما هو الشوق نفسه سوى أول أفعال الإرادة؟ فهذه بعد أن تريد ذاتها وحدها تريد سواها من الإرادات الأخر لها، ثم تريده لنفسه أيضا؛ لأن كل شيء كما قلنا يدور في الأصل حول مركز نفسه بالشوق الحاصل فيه إليه، وفي الفرع حول مركز نفسه بالشوق الحاصل فيه إلى مركز سواه، فالإرادة على اختلاف أنواعها ، جاهلة أم عالمة، ذاتية أم مشتركة، هي أس كل اجتماع وجوهر كل حي. وبهذا الاعتبار يقسم العالم إلى ثلاث رتب؛ أولا: الرتبة التي تكون الإرادات فيها عمياء ذاتية، كل واحدة منها تشتغل لنفسها كأن لا يوجد سواها، وهي الجماد. ثانيا: الرتبة التي تبتدئ الإرادات فيها أن يحس بعضها ببعض ويجتمع بعضها ببعض، لكن على سبيل الشوق البسيط فقط، وهي النبات الحيوان. ثالثا: الرتبة التي تصير الإرادات فيها عاقلة، تدرك نفسها ويعرف بعضها بعضا، ويجتمع بعضها ببعض على سبيل الاتفاق والتراضي، وهي الاجتماع البشري.
অজানা পৃষ্ঠা