বৈজ্ঞানিক ও সামাজিক আলোচনা

শিবলি শুমাইল d. 1335 AH
148

বৈজ্ঞানিক ও সামাজিক আলোচনা

مباحث علمية واجتماعية

জনগুলি

ومن ذلك يفهم عندما نتأثر من الشعور بالسمع أو البصر أو الشم أو الذوق أو اللمس أن هذا الشعور إنما يكون في الدماغ، وليس في الأعضاء الأخر؛ فإن هذه الأعضاء ليست إلا سطوحا ترتسم عليها التأثيرات الآتية من الخارج، والدماغ هو الذي يحكم فيها، وإنما يحكم فيها في مكان هذه الأعضاء نفسها، وهذا ما يجعلنا ننسب الشعور إلى الحواس نفسها حال كونه واقعا في الدماغ حقيقة. وبعبارة أخرى، إن مركز السمع هو الذي يسمع، ومركز البصر هو الذي يبصر، ومركز الشم هو الذي يدرك المشموم، ومركز الذوق هو الذي يحكم على الطعوم، ومركز اللمس هو الذي يدرك الملموس، وليس الأذنان أو العينان أو الأنف أو اللسان أو الجلد. وهذا الشعور سمي شعورا خارجيا.

2

والشعور في الدماغ على طريق الحواس، وهي الناقلة لهذا التأثير والمدركة له، يظهر في بادئ الرأي قولا غريبا وأمرا مستحيلا، ولكننا إذا أمعنا النظر نرى أنه بذلك يحصل الدماغ على نظام أكثر ووضوح أتم في أعماله الكثيرة المتواصلة؛ لأنه لو كان ينبغي لكل إحساساته أن تتم ويحكم فيها رأسا في مراكزها الدماغية بدون معونة الأعضاء الأخر التي هي مراكز مختلفة أيضا لتأثيرات مختلفة؛ للزم أن يكون في وقت من الأوقات في غاية ما يكون من التشويش من تراكم الإحساسات التي ترد عليه، والأوامر المختلفة التي يرسلها على الدوام. ولنا على ذلك برهان أجلى على لزوم هذا النظام من الشعور الصادر من الداخل بدون تأثير خارجي، والذي مصدره على الغالب الذاكرة. فالذاكرة تذكر الدماغ بالتأثيرات المرسلة إليه سابقا من الخارج، ولكنها تذكره بها في الحواس الخارجية الخاصة، كما هو الحال في الشعور المسمى شعورا داخليا.

والشعور الداخلي هو تأثير داخلي محض، لا علاقة له واصلة بالمؤثرات الخارجية وإن بني عليها. ويحصل في الدماغ عن تهيج فيه لأسباب قد تخفى أحيانا كثيرة، بعضه خاص بقوة الإدراك التي تتصور تصورات بسيطة أو مركبة، والبعض الآخر خاص بالذاكرة التي تحضر للدماغ صور الحوادث التي تأثر بها سابقا، وهي إما بسيطة كما يشاهد في الأحلام التي هي من نفس طبيعة التخيلات أو غير عادية، وتكون نتيجة مرض في حالة الدماغ العصبية؛ لأن الدماغ مثل باقي أعضاء الحياة معرض لأمراض عارضة، وقتية أو ملازمة دائمة، عضوية أو وظيفية؛ أمراض يصح أن تسمى خللا عصبيا يكون على جملة وجوه، ويحدث جملة ظواهر، وأحيانا يكون من الأمراض التي تجلب اليأس للمريض والطبيب معا. وفي درس الدماغ وأمراضه ما يوضح لنا هذا الخلل العصبي، الذي شوهد في الماضي وسيشاهد أيضا في المستقبل، توضيحا وإن يكن قاصرا بالنظر إلى جلاء الأسباب كنقص جلاء بقية النواميس الطبيعية والكيماوية والحيوية، إلا أنه يكفي لرفع كل شك يلبك العقول من هذا القبيل.

وبالحقيقة، ما الفرق من جهة المصدر بين صوت ملفوظ وطنين أذن صادرين كليهما من الداخل؟ لا يوجد فرق بينهما سوى أن الصوت الملفوظ مركب أكثر من الطنين الذي ليس هو إلا صوتا بسيطا، فلماذا نتعجب من سماعنا الأول، ولا نعلق أدنى أهمية على الثاني؟ وما الفرق كذلك من جهة السبب بين صورة ترى ومصدرها داخلي، و«بين» قشعريرة عارضة أو رجفان عضو، وكلاهما من مصدر واحد؛ أي إنهما داخليان ليس للأسباب الخارجية الواصلة دخل فيهما؟ والجواب على ذلك أن لا فرق بينهما مطلقا، بل نحن نعلم جيدا بأن رجفانا شديدا عارضا في عضو ما عائد إلى تشويش وقتي في المركز المحرك، أو في الأعصاب الناقلة للسيال العصبي. فإن كان الأمر كذلك في الحوادث المذكورة، فلم لا نسلم بصحة ذلك أيضا في المرئيات والأصوات الداخلية بدون أن نفتش على التعليل عنها فيما هو فوق الطبيعة؟

الدماغ بالنسبة إلى هذا الشعور الداخلي إما صحيح وإما مشوش تشويشا عارضا، وإما مريض تماما كما في الجنون.

ففي الحالة الأولى هذا الشعور الداخلي أو هذه التخيلات، كما يسميها البعض، هي بسيطة؛ يعني أننا نسمع صوتا بسيطا أو مركبا أو نرى صورة أو صورا، ولكن على نوع هو بهذا المقدار سريع؛ حتى لا يكون لنا وقت لتحقيق ما يجري فينا. وهذه الحوادث تعرض تقريبا لكل الناس، وأنا من جملة أولئك الذين سمعوا آخرين يدعونهم باسمهم مرارا كثيرة، وغالبا من أناس أعرفهم، وحدث لي بأني وقفت أحيانا في الطريق لأتحقق الذي يدعوني، مع أنه لم يكن لذلك حقيقة في الخارج، ولم يكن سوى تخيلات.

وفي الحالة الثانية الأمر أهم، فإننا نظن أنا نرى أشخاصا تبقى صورتهم مرتسمة أمامنا مدة طويلة، ونسمعهم أحيانا يتكلمون ويستمرون على حديث طويل فيه بعض الائتلاف. وهذه الحالة أندر مما تقدم، وقد رويت عن كثيرين من أصحاب العقول الثاقبة. وكان جان جاك روسو من هذه الرتبة، فكان كلما انفرد يخال نفسه أنه مع أشخاص يكالمونه. والأحلام هي من هذا القبيل، وتدل على تشويش وقتي في الإدراك.

والحالة الثالثة أشد جدا مما تقدم، الدماغ في حالة التخيل والانخداع الدائم، كما في الجنون. ويختلف التخيل عن الانخداع بأنه شعور داخلي محض، متعلق بانحراف عصبي مركزي، والانخداع متعلق بانحراف محيطي في الأعصاب الناقلة نفسها، فتنقل التأثيرات الخارجية على غير حقيقتها.

والاعتراض الوحيد الممكن في مثل هذه الأحوال هو ما يأتي: لماذا نرى أحيانا أن الأمور تتم كما تنبئ عنها أو توحي بها أو تشير إليها التخيلات؟ فأجيب على ذلك وعن الأحلام أيضا جوابا بسيطا، وهو أن كل ممكن يجوز أن يتحقق، ولكنه لا يتحقق دائما، وهذا ما يجعل أكثر التخيلات لا تتحقق غالبا. هذا وإن عددا عظيما من الحوادث المذكورة في التاريخ القديم حكايات لا طائل تحتها، كما أن الحوادث المأخوذة عن التاريخ الحديث ربما كانت اختراعات المدعين علم ما فوق الطبيعة.

অজানা পৃষ্ঠা