والخلاصة، أنه بعد ورود المسائل والقضايا، قام القائم مقام صدر الدولة بمطالعتها وقراءتها فقضى عمرا وبعد الدراسة والتدقيق طابق الفتاوى واجتهادات العلماء الفضلاء، وعقد الهمة على جمع وتدوين القضايا والرسائل، وأقام المجالس الروحية لاستقبال حضور الفضلاء، وشرع فى جمع أقوال المجتهدين فى رسالة مستقلة لقضايا الجهاد والتى كانت مهملة ومتروكة لسنوات ولم يقبل عليها ويهتم بتدريسها وبحثها أى من العلماء والفضلاء فى العصور من منطلق أن السلاطين السابقين لم يكونوا فى حاجة إليها. وبمجرد أن قام القائم مقام بدراستها وتتبعها لعدة أيام، وبسبب حدة ذهنه السليم واستقامة سليقته أظهر مهارة فائقة فى تلك القضايا- والتى لم تكن مقدورة لشخص ولم يكن من المتصور مزيدا عليها، وأتم الرسالة المستقلة. فما كان يحتاج إليه الأمراء وقادة الجيوش والمجاهدون، يجدونه فى أقل عناء، وكان يستقر مطلبهم فى الأذهان بسرعة. ومن أجل هذا قاموا بترتيب وإعداد الرسالة الأخرى وضبطوا ودونوا تلك الرسالة فى أقل من يوم، وقد جاءت تلك الرسالة فى غاية الاختصار ومقبولة للطباع المختلفة والآراء المتفاوتة. ولهذا نسخت من هذه الرسالة النسخ الأخرى وعرضت فى مجلس حضور الحضرة العلية السلطانية فصارت موضع الإعجاب والثناء.
وأيضا كان قد أتى إلى إصفهان يوسف المدعو ببادرى- الذى كان من أهالى أرض الفرنچة" أوربا"- وتتلمذ على يد علمائها، فوصل إلى مهارة كاملة من الفضلاء الكرام فى الخط والعلم والدين الإسلامى، وبسبب منتهى خبث طينته وفساد طويته ذكر ودون الأحاديث فى رفض نبوة خاتم الرسالة [ص 146 م] وإنكار إعجاز القرآن ببراهينه وأدلته السخيفة، فدون بعض من فضلاء العراق وفارس ردا مختصرا غير مقنع. وفى تلك الأثناء أدرك الموت" بادرى"، فوصلت أوراقه إلى نظر القائم مقام.
وبسبب غلبة الغيرة الهاشمية والعصبية للدين المصطفى والفصاحة المرتضوية، ضرب ذيل الهمة على وسطه (تشمر) واستدعى شخصين أو ثلاثة من القساوسة والرهبان، وقام بتتبع وتفحص التوراة والإنجيل وباعتبار أن أسس الدين المسيحى واليهودى حسنة مثلما كانت، انتقد ضعف مذاهبهم، كما أورد أيضا الدلائل الأخرى بذكائه الحاد، ورد على أقوال بادرى وإدعائاته.
والحق أنه يتم عمله، وهو الآن مشغول بتحرير ذلك الكتاب ولأن الدلائل والبراهين السامية- التى لم تصل إلى ذهن كثير من العلماء والفضلاء- تصل إلى ذهنه فهو يأتى بثمانية أدلة لكل موضوع ويفتح أمام السامعين أبواب الجنة الثمانية وستصبح تلك أيضا الرسالة المقبولة والمرغوبة والرسالة ذات الأسلوب السلس، وسوف تنتهى بالتوفيق إن شاء الله تعالى.
পৃষ্ঠা ১৮৯