মাআসিরুল আবরার
مآثر الأبرار
জনগুলি
وكتب إليه أنه لا يدري أين توجها، وأنه لا يعرف الكتب، ولا شك أنها مفتعلة، فلما اختلفت الأمور على أبي جعفر بعث بسلم بن قتيبة الباهلي، وبعث معه بمال، وقال له: إني إنما أدخلتك بين لحمي وعظمي، فلا تخف عني أمرا تعلمه، فخرج سلم حتى قدم المدينة، وكان عبد الله بن الحسن يجلس بين الروضة والمنبر فجلس إليه سلم وأظهر له المحبة والميل إلى ناحيته، ثم قال له بعدما أنس به: إن ناسا من أهل خراسان وهم فلان وفلان، وسمى له رجالا يعرفهم ممن كان يكاتب بعثوني إليك بمال معي، وكتبوا إليك كتبا فقبل الكتب والمال، وكان عشرة آلاف درهم ثم أقام معه ما شاء الله حتى ازداد به أنسا، [وإليه استئمانه] ثم قال له: إني قد بعث إلي بكتب إلى أمير المؤمنين محمد وإلى ولي عهده إبراهيم، وأمرت أن لا أوصل ذلك إلا إلى أيديهما فإن أوصلتني إليهما أوصلت إليهما المال والكتابين، ورحلت إلى القوم بما يثلج صدورهم، وتقبله قلوبهم، فأنا عندهم بموضع الصدق والأمانة، وإن كان أمرهما مظلما ولم يكن يعرف مكانهما لم يخاطروا بدمهم وأموالهم، فلما رأى عبد الله أن الأمور تفسد عليه من حيث يرجو إصلاحها إلا بإظهارهما له أوصله إليهما ودفع الكتابين وأربعين ألف درهم معه، ثم قال: هذا محمد، وهذا إبراهيم، فقال لهم: إن من ورائي[من] لم يبعثوني ولهم بعدي غائب، وليس مثلي ينصرف إلى القوم إلا بجملة ما يحتاجون إليه، ومحمد إنما صار إلى هذه الحظة ووجبت له هذه الدعوة لقرابته من رسول الله ، وهاهنا من هو أقرب منه إليه رحما، وأوجب حقا، قال: ومن هو؟ قال: أنت إلا أن يكون معك في ابنك أثر ليس عندك في نفسك، قال: الأمر كذلك عندي، قال: فإن القوم يقتدون بك في جميع أمورهم، ولا يريدون أن يبذلوا دمهم وأموالهم، وأنفسهم إلا بحجة يرجون بها لمن قتل منهم الشهادة، فإن أنت خلعت أبا جعفر وبايعت محمدا اقتدوا بك، وإن أبيت اقتدوا بك أيضا في ترك ذلك ثقة بك، فقال: إني أفعل، فبايع محمدا وخلع أبا جعفر، وبايعه سلم من بعده، وأخذ كتبه وكتب محمد وإبراهيم وخرج، فقدم إلى أبي جعفر وقد حضر الموسم، وأخبره بالكلام كله فسار أبو جعفر، فلما دخل المدينة أرسل إلى بني الحسن فجمعهم، وقال لسلم : إذا رأيت عبد الله عندي فقم على رأسي، وأشر إلي بالسلام، ففعل، فلما رآه عبد الله سقط في يده وتغير وجهه، فقال له أبو جعفر: مالك [يا] أبا محمد؟ أتعرفه؟ فقال: نعم، يا أمير المؤمنين، أقلني وصلتك رحم، فقال له أبو جعفر: قد عرفت أنك تعرف موضع ولديك، وقد باح السر، فأظهرهما لي، ولك أن أصل رحمك ورحمهما، وأن أعظم ولايتهما، وأعطي كل واحد منهما ألف ألف درهم، فتراجع وهو وعبد الله حتى قبضه في اثني عشر رجلا من بني الحسن، فأمر بحبسهم جميعا، [ثم سار بهم نحو العراق، وارتجت المدينة بالبكاء من كل دار].
هذه رواية ابن عبد ربه وقال الحاكم: إنهم فوق عشرين نفرا، فسار بهم، وحبسهم في العراق في أضيق حبس، فبعضهم مات، وبعضهم نجا وهم القليل، ولما خرجوا بهم من المدينة خرج جعفر الصادق وجعل ينظر إليهم من حيث لا يبصر ودموعه جارية على خده، وقتلهم الدوانيقي على صفات مختلفة.
قالوا: وممن مات في الحبس: إسماعيل بن إبراهيم، وكان يسمى الديباج ؛ لأنه كان مثل سبيكة الذهب كلما اشتد الوقد عليها ازدادت حسنا، وممن كان في الحبس: محمد بن إبراهيم أخو إسماعيل، وكان محمد يسمى الديباج الأصفر، وإسماعيل الديباج مطلقا، فقال أبو جعفر لمحمد لما حبسهم: أنت الديباج الأصفر ؟ فقال: نعم، فقال: إذن، والله لأ قتلنك قتلة ما قتلها أحد من أهل بيتك، فأمر بإسطوانة فلما فرغت أدخل فيها فبنى عليه وهو حي. رواه ابن جرير الطبري.
পৃষ্ঠা ৩০১