218

Ma'a Al-Mushakikin Fi Al-Sunnah

مع المشككين في السنة

সম্পাদক

فاروق يحيى محمد الحاج

জনগুলি

وسئل: «عمن يلعن معاوية فماذا يجب عليه؟
فأجاب: «من لعن أحدًا من أصحاب النبي ﷺ كمعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ونحوهما ومن هو أفضل من هؤلاء كأبي موسى الأشعري وأبي هريرة ونحوهما أو من هو أفضل من هؤلاء كطلحة والزبير وعثمان وعلي بن أبي طالب وأبي بكر الصديق وعمر وعائشة أم المؤمنين وغير هؤلاء من أصحاب النبي ﷺ فإنه مستحق للعقوبة البليغة باتفاق أئمة الدين. وتنازع العلماء هل يعاقب بالقتل أو ما دون القتل؟ كما قد بسطنا ذلك في غير هذا الموضع.
وقد ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري ﵁ عن النبي ﷺ قال: (لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ) (^١). واللعنة أعظم من السب، وقد ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: (لَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ) (^٢).

(^١) صحيح البخاري، كتاب أصحاب النبي ﷺ، باب قول النبي ﷺ: (لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا) (٥/ ٨)، رقم (٣٦٧٣)، وصحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب تحريم سب الصحابة ﵃ (٤/ ١٩٦٧)، رقم (٢٥٤٠). وهو في صحيح مسلم عن أبي هريرة ﵁.
(^٢) صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال (٨/ ٢٦)، رقم (٦١٠٥)، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه وأن من قتل نفسه بشيء عذب به في النار وأنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة (١/ ١٠٤)، رقم (١١٠). عن ثابت بن الضحاك ﵁.
وأصحاب رسول الله ﷺ خيار المؤمنين. كما ثبت عنه أنه قال: (خَيْرُ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْتُ فِيهِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) (^١).
وكل من رأى رسول الله ﷺ مؤمنًا به فله من الصحبة بقدر ذلك» (^٢).
فهل يجوز أن يُقال عنه ﵁ بعد هذا: إنه طاغية؟!
خامسًا: بعد أن فتشت عن سبب رمي الرافضة لمعاوية ﵁ بذلك، وعن سبب لعنه وسبه وتكفيره لم أجد لهم سببًا أكبر إلا قتاله لعلي ﵁. وهذا الأمر لم يجعل الله تعالى إلينا الحكم فيه، بل جعله إليه سبحانه، فهو الذي يفصل بين الخصماء يوم القيامة، وهو الذي يحاسب الناس يومئذ، فيعذِّب من يشاء ويغفر من يشاء. فلأي شيء ننجس ألسنتنا بسب أولئك الذين برأهم الله تعالى وطهّرهم وعدّلهم، و﵃ ورضوا عنه، سواء منهم من أسلم قبل الفتح أو بعده؟
ثم إنه ﷾ لم يتعبدنا بالسب واللعن حتى لرءوس الطواغيت الذين عُلم كفرهم وموتهم على غير الإسلام، كفرعون وهامان وقارون وأبي جهل وأبي لهب، فلم يأمرنا سبحانه بسبهم ولا لعنهم، وحتى إبليس الذي لعنه الله في كتابه وأمرنا أن نتخذه عدوًا لم يأمرنا بلعنه؛ وذلك لأن اللعن ليس من العبادات حتى يأمرنا الله به، بل قد نهانا الله أن نسب آلهة المشركين حتى لا يتخذوا ذلك ذريعة لسب الله - جل وعلا -، فقال: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام:١٠٨].
ونبينا محمد ﷺ نهانا أن نسب الأموات أيًا كانوا، فعن عائشة ﵂ قالت: قال النبي ﷺ: (لَا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا) (^٣).
سادسًا: ما حصل بين معاوية وعلي ﵄ من الاقتتال هما فيه متأولان مجتهدان، فالمصيب منهما -وهو علي ﵁ له أجران، والمخطئ -وهو معاوية ﵁ له أجر، فعن عمرو بن العاص ﵁ أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: (إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ) (^٤).

(^١) عن عبد الله بن مسعود ﵁ عن النبي ﷺ قال: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ). صحيح البخاري، كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا شهد (٣/ ١٧١)، رقم (٢٦٥٢)، وصحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم (٤/ ١٩٦٣)، رقم (٢٥٣٣).
(^٢) مجموع الفتاوى لابن تيمية (٣٥/ ٥٨ - ٥٩).
(^٣) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب ما يُنهى من سب الأموات (٢/ ١٠٤)، رقم (١٣٩٣).
(^٤) صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ (٩/ ١٠٨)، رقم (٧٣٥٢)، وصحيح مسلم، كتاب الأقضية، باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ (٣/ ١٣٤٢)، رقم (١٧١٦).

1 / 219