প্রতি রাতে যা রয়ে যায়
ما يتبقى كل ليلة من الليل
জনগুলি
عندما تلعب الصهباء بي، وأرى الشجرة أرنبا، فإن بيتي يصبح القفزة التي تفلتني من كلب الصيد، والعثرة التي تؤخرني من مصادفة الكارثة، ويصير المرأة الوحيدة الوفية التي تحتضن البيت، بيتي أيضا خمارتي التي لا تقود إليها خرائط الشرطة، ولا يعلم قنانيها المخبرون، بينما تقبل أغنياتها السحابات البعيدة، ويفوح خندريسها كروان وسكسفون ونساء لا يخشين في الحب لومة لائم.
بيت كتبي المغضوب عليها، والضالين، هنا أكتبها، أغنيها، أمارس معها الحب، وأمزقها وأبكي عليها، وحينما تنهض من موتها مثل الزومبي، أدفع بها إلى ناشر مجنون.
لوحة زيتية رسمها مستنير، بيت صديقي دكتور الجعلي، بيتي وبيت الجن والشياطين، أعشاب المطر الصيفي اللذيذ.
بيتي بيت بيتي الصغير المشيد من الطين اللبن، وأخشاب الشجيرات القتلى التي ماتت فداء لنا، وبيت روح أبي وأمي وبنت الطريق، وبيت حافظة الصدر التي نسيتها على رواية عوليس قصدا أم مكرا، فالبنيات يوقعن حضورهن فيما يتركن من متعلقات: دبوس الشعر، فردة جورب، رباط قصير من الكتان، خصلة طويلة دافئة على الوسادة، وتحت الوسادة حرير مجنون، أحمر الشفاه على كوب الماء وكاسات العرق، فانلة بيضاء من الساتان تشبه قبلة منسية في لسان نزق، تتركها النساء عادة تحت الملاءات، عدسات العين، قلامة الظفر، ناتفة الشعر، سؤال لا إجابة له، موسى لمحاولة الانتحار الفاشلة، قبلة سريعة من أعلى الكي بورد، عراك قصير، منديل تعب، قلم روج، واق أنثوي مستعمل، كركبة الباب، ونسيت أن أقول: إن بيتي هو أيضا بيت الباب والنافذة المشرعة.
عندما غنت فيروز لأمي
عندما أطلق أنبياء الإشعاعات الكاذبة خبر وفاة المغنية فيروز، قفزت جملة واحدة في ذهني، كانت تكمن هنالك عشرات السنين، وهي: «وجهان يبكيان» وكتبتها في صفحتي على الفيسبوك في انتظار من ينفي لي الخبر، نعم، أن ينفيه وحسب.
قد لا أدري متى هي المرة الأولى التي سمعت فيها غناء فيروز، ولكنني أتذكر كل شيء ما عدا التأريخ، كان الراديو الترانزستور الكبير كعادته يقبع في صندوق عجوز من الخشب الموسك قرب كرسي الخيزران الكبير الذي يجلس عليه أبي منذ العصر حتى بعد أذان العشاء، بعد أن يمر على محطات كثيرة، يتوقف عند محطات إذاعية بعينها، أهمها صوت العرب من القاهرة، وفي هذه المحطة بالذات سمعت لأول مرة - وأنا طفل صغير لم أدخل المدرسة الابتدائية بعد - فيروز تغني:
الطفل في المغارة، وأمه مريم وجهان يبكيان.
لم أعرف حينها معنى «وجهان» ولا «يبكيان»، حيث إن الكلمتين غريبتان عن أذني، ولم أسمعهما من قبل، وكانت الكلمة الثانية أقرب لي، حيث إنني سمعت كلمة قريبة منها وهي يبكي، وبكى، وبكاء أيضا، ولكن «وجهان» لم أسمع بها مطلقا، حيث إننا في العامية السودانية نستخدم كلمة «وش» لوجه، وليس بالعامية السودانية مثنى، إما جمع أو مفرد، وبالتالي «يبكيان» تصبح كلمة غريبة عندي ومبهمة جدا، أما «وجهان» فأغرب منها، ولكني على الرغم من ذلك انجذبت للأغنية وأحببتها جدا لسببين آخرين قويين، وهما جملة «وأمه مريم»، حيث كنت أظن أن المغنية تقصد أمي مريم بالذات، بل كنت موقنا بذلك، أما الطفل فهو أنا، أما المغارة فهي الغار الذي تحكي عنه كثيرا المعلمة بالروضة، الذي اختفى فيه الرسول
صلى الله عليه وسلم
অজানা পৃষ্ঠা