ধর্মের অতীত: একটি সম্পূর্ণ বিশ্বের জন্য নৈতিকতা
ما وراء الأديان: أخلاقيات لعالم كامل
জনগুলি
إنني أميز بوجه عام بين مستويين من الرأفة. الأول هو المستوى البيولوجي الذي كنت أصفه، وتمثله عاطفة الأم تجاه وليدها. والثاني هو المستوى الممتد، الذي يجب تنميته عمدا.
على الرغم من أن الرأفة في المستوى البيولوجي يمكن أن تكون غير مشروطة، كحب الأم لطفلها، فهي أيضا متحيزة ومحدودة النطاق. ومع ذلك، فهي ذات أهمية قصوى؛ لأنها البذرة التي يمكن أن تنمو منها الرأفة غير المنحازة. فيمكننا أن نستند إلى قدرتنا الفطرية على الود، ثم نعمل على تمديدها باستخدام ذكائنا وقناعتنا.
بشكل عام، ننزع - نحن البشر - بدرجة كبيرة لأن نشمل باهتمامنا الأشخاص الأقرب إلينا أولا، ثم توسعة هذا الاهتمام ليشمل مجتمعنا الأوسع؛ أي أولئك الذين نتشارك معهم في اللغة، أو المكان، أو الدين، على سبيل المثال. ذلك طبيعي تماما ومن شأنه أن يكون فعالا إلى حد كبير. فعندما ينبع حافز الأفراد من الإخلاص لقضية ما أو من مشاعر القرب تجاه مجموعة بعينها، يصبحون قادرين على فعل أشياء عظيمة. يمكن لمثل هذه المشاعر أن تجمع الناس معا وتساعدهم على تجاوز مصلحتهم الذاتية الضيقة. وبهذا المعنى، تصبح هذه المشاعر نافعة. بيد أنه من المؤسف أن مثل هذه العلاقات القائمة على الأسرة أو المجتمع أو الأمة أو اللغة أو الدين، غالبا ما يصاحبها تمييز متصاعد بين «نحن» و«هم». المشكلة هي أننا عندما نرى أنفسنا من منظور هذه المجموعة أو تلك فقط، فإننا نميل إلى نسيان هويتنا الأوسع كبشر.
من العناصر الأساسية في هذه المشاعر المتحيزة هو ما يمكن أن نطلق عليه مصطلح «التعلق». ذات مرة، في مؤتمر علمي في الأرجنتين، أخبرني أحد معلمي صديقي فرانسيسكو فاريلا أنه كعالم ينبغي ألا يتعلق كثيرا بمجال بحثه؛ لأن هذا قد يشوه قدرته على تقييم الأدلة بموضوعية. حين سمعت هذه الكلمات شعرت على الفور أنها لا بد أن تنطبق أيضا على المجال الديني. فبصفتي بوذيا على سبيل المثال، يجب أن أسعى جاهدا ألا يكون تعلقي بالبوذية مفرطا. لأن ذلك ما سوف يعيق قدرتي على إدراك قيمة التقاليد الدينية الأخرى.
علاوة على ذلك، ففي ظل عنصر التعلق، غالبا ما تعتمد عاطفتنا تجاه الآخرين واهتمامنا بهم على علاقة هؤلاء الآخرين بنا . إننا نهتم بمن يعتنون بنا ويعاملوننا جيدا. بالرغم من ذلك، فعندما تعتمد عاطفتنا على تحقيق أهدافنا وتوقعاتنا الشخصية، التي نسقطها على الآخرين، فستكون دائما شديدة الهشاشة. ومن ثم، فما دام الآخرون يحققون توقعاتنا، يسير كل شيء على ما يرام، لكنهم حالما يتوقفون عن ذلك، من السهل أن تتحول عواطفنا إلى استياء، بل وحتى كراهية.
وعلى العكس من ذلك، فإن الرأفة الشاملة الممتدة ليست متجذرة في أي عنصر يتعلق بالذات، بل في الإدراك البسيط المتمثل في أن الآخرين جميعهم بشر يطمحون مثلنا تماما إلى تحقيق السعادة وتجنب المعاناة. ومع هذا النوع من الرأفة، يكون شعورنا بالاهتمام بالآخرين مستقرا تماما ولا يتأثر بأي موقف قد يتخذونه منا. حتى لو هددنا الآخرون أو أساءوا لنا بالكلام، فإننا نظل نشعر بالرأفة تجاههم ونظل مهتمين بصالحهم. ومن ثم، فإن الرأفة الحقيقية لا توجه نحو سلوك الأشخاص بل نحو الأشخاص أنفسهم.
لما كانت مشاعر الاستياء والغضب والعداوة لا تعود علينا بأي نفع، فمن الجلي أنه من مصلحتنا أن ندعم موقفنا تجاه جميع الآخرين بهذا النوع الحقيقي غير المشروط وغير المتحيز من الرأفة. ولا شك بأن ذلك سيجلب لنا المنافع.
ما أطالب به هو أن نتجاوز شعورنا المحدود أو المتحيز بالقرب من هذه المجموعة أو تلك أو بهذه الهوية أو تلك، وأن ننمي بدلا من ذلك الشعور بالقرب من العائلة البشرية بأكملها. فمن الممكن أن يؤدي الموقف القائم على «نحن» و«هم» إلى الصراع وحتى الحرب، وهو ما يؤدي إليه بالفعل في كثير من الأحيان. ومن ثم؛ فالأفضل كثيرا والأكثر واقعية هو الموقف القائم على «نحن جميعا». •••
قد يبدو للبعض أن فكرة الرأفة العالمية هذه مثالية للغاية وربما حتى دينية. غير أنني لا أعتقد أنها مثالية للغاية. فالكثير من الأشياء التي نتعامل معها الآن كأمور مسلم بها، مثل فكرة التعليم الشامل، كانت لتبدو مثالية للغاية في الماضي، لكنها تعد الآن أفكارا عملية تماما وضرورية بالفعل. أما عن القول بأن فكرة الرأفة العالمية هي فكرة دينية، فأنا لا أوافق هذا الرأي. لا شك أن الإيثار والخدمة التي يوليها بعض الأشخاص للآخرين هي أمور متجذرة في نسكهم الدينية، مثلما نجد في مبدأ خدمة الرب. لكن في الوقت نفسه، يوجد اليوم عدد لا يحصى من الأشخاص في العالم ممن يهتمون بالبشرية جمعاء، وهم مع ذلك لا يتبعون أي دين. يرد على ذهني الآن جميع الأطباء وعمال الإغاثة المتطوعين في أماكن مثل دارفور أو هايتي أو في أي مكان به نزاع أو كارثة طبيعية. ربما يكون بعضهم من المؤمنين، لكن الكثيرين منهم ليسوا كذلك. إن اهتمامهم لا يقتصر على هذه المجموعة أو تلك، بل هو موجه ببساطة إلى البشر. إن دافعهم في ذلك هو الرأفة الحقيقية؛ العزم على التخفيف من معاناة الآخرين.
ولهذا؛ لا يساورني أدنى شك في إمكانية تعزيز الرأفة العالمية ضمن إطار علماني بحت. لقد قال لي صديقي القديم البروفيسور بول إيكمان ذات مرة، وهو أحد الرواد في مجال علم العاطفة، إنه حتى تشارلز داروين، مؤسس النظرية الحديثة في التطور، كان يرى أن «حب جميع الكائنات الحية هو أنبل صفات الإنسان».
অজানা পৃষ্ঠা