সিনেমা কি: আন্দ্রে বাজাঁর দৃষ্টিকোণ থেকে

জিয়াদ ইব্রাহিম d. 1450 AH
53

সিনেমা কি: আন্দ্রে বাজাঁর দৃষ্টিকোণ থেকে

ما هي السينما!: من منظور أندريه بازان

জনগুলি

هكذا تشارك أستروك وبازان في تجنيد مفهوم «الطليعة» - وهو مفهوم استراتيجي عسكري - في حملة نصبت سينما أوروبية «حديثة» في مواجهة النظام «الكلاسيكي» الحصين. وجند على الضد من إرادة أولئك الذين كان ينبغي لهم من الناحية الشرعية التحكم في مصيرها، وهم ورثة ما يسمى الآن «الطليعة التاريخية» في العشرينيات. في باريس، وبالإضافة إلى أستروك وبازان والمولعين بالسينما الجريئين في نادي «أوبجيكتيف 49»، كان يمكن سماع البيانات التي تصدرها المجموعات الراديكالية الفعلية، وأشهرها حركة «الحروفيين» التي قادها إيزودور إيزو وموريس لوميتر. لم يظهر هؤلاء لإحداث ثورة في صناعة الأفلام الروائية الطويلة، ولكن لتدميرها تماما، ولإحلال تجارب فوضوية عفوية محلها.

هاجم إريك رومير «الحروفيين» بعنف عام 1952، معلنا أن تطبيقاتهم الخالية من الموضوعات ليست سوى محاولات خائبة لإعادة إحياء أفكار المدرسة الدادائية المستفزة. لم يتعمد هؤلاء إساءة فهم خصائص الوسيط السينمائي ووظائفه المحتملة وحسب، ولكن شهرتهم تجلت من حيث الأساس في دوائر فنية خاصة. كره رومير من أعماقه سطو مؤسسات الفنون على الوسيط السينمائي أكثر من كراهيته للضرر الجمالي الذي شعر أنها ارتكبته بحق السينما. حينما بدأت الأعمال السيئة السمعة لدوشامب، ومان راي، وفايكينج إيجلنج، ودالي/بونويل، تجد ملاذا لها في مؤسسة مثل متحف الفن الحديث، كانت هذه إشارة جلية بأن الطليعة التاريخية أصبحت من الماضي، وصنفت بالفعل ضمن التراث الفني الذي يريد أولئك الفوضويون بشدة الهروب منه أو تدميره. كان رومير يخشى أن تلك الطليعة يمكنها أن تتسبب في اختطاف السينما من قبل طبقة فكرية ما، مثلما حدث مع الرسم ومع الأدب بقدر أكبر. هذه الفنون الآن منفصلة عن المهمات والجماهير الطبيعية التي كانت ملكا لها منذ وقت طويل في عصر كلاسيكي.

لكن رومير كان يشعر بأن سينما ما بعد الحرب ظلت تستمتع باللحظة الكلاسيكية، وأن حيويتها مؤكدة بفعل حلقة الاستجابات الدائرة ما بين الجمهور والمنتجين، كما تتجلى في شباك التذاكر، وفي المراجعات النقدية.

3

ربما أيد بازان سينما حديثة متمردة، لكنه، مثل كثيرين غيره، كان يحترم - بل ويمتدح - المدرسة الكلاسيكية، وخصوصا تلك التي انبثقت من هوليوود، حيث كانت تبدو الأكثر طبيعية. وعلل هذا بأن إنتاجات الاستوديوهات هناك لا بد أنها تقدم ما تجده ثقافة جماهيرية جديرا بأن تتعرض له ويمثل تحديا لها، وأن تطوره بالتفصيل. بل إن بازان مضى إلى أبعد من ذلك بمقارنة هوليوود بالتراجيديا الفرنسية الكلاسيكية التي كانت متوافقة مع هموم الجمهور وحسه لدرجة تأليف المسرحيات الرائعة التي كتبها كثير من المؤلفين، وليس كورني وراسين فقط. وبعد ستين عاما، كان من شأن كاتب عظيم مثل فولتير أن يفشل في هذا الصنف، بسبب تطور الجمهور وتغير علاقته بالمسرح.

4

بطريقة مشابهة، كانت استوديوهات هوليوود في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين متزامنة بدقة مع حس جمهورها العريض، لدرجة أنه كان يصعب صنع فيلم غير قابل للمشاهدة هناك.

كان يسمي السينما الكلاسيكية «عبقرية النظام»؛ إلا أنه أيد بكل قوته أولئك الحداثيين الذين لم يكن ينبغي من وجهة نظرهم أن تنجو عقلانية الأسلوب الكلاسيكي واحتشامه من مصيبة الحرب والدمار الذي حل بالكثير من الحضارة. وبينما لم يحط بازان قط من قدر هوليوود، فقد أيد رينوار وويلز وبريسون وكوكتو وروسيليني؛ لأن أفلامهم كانت متجاوزة للنظام السائد. ومن غير أن يكونوا شكلانيين، كان عليهم الإتيان بأساليب جديدة ونماذج مختلفة قادرة على تمثيل أي مما كان يشغل بالهم بعمق. نما جمهور جديد مهم في أوروبا، صغير في الحجم، لكنه متحمس ومتطلع إلى مثل هؤلاء السينمائيين وموضوعاتهم غير التقليدية. وعززت نوادي السينما، ومسارح الفنون، والمجلات، هذه العلاقة. كان جيل ما بعد الحرب الوجودي يستمع إلى موسيقى الجاز، ويتناقش بشأن الأفلام الجادة. ولذا، وبينما وجدت هوليوود - التي كانت أقل تأثرا بالحرب - أنه من الملائم الحفاظ على الاستمرارية والصلة بالثلاثينيات، فاتحة نوافذ استوديوهاتها من حين إلى آخر لإلقاء نظرة على الخارج، فإن أوروبا (واليابان، فلا بد من ذكرها) أفسحت المجال لشيء جديد تماما، وهو سينما حديثة تكافح لتمثيل شكوك مجتمع محطم وتحدياته. وسواء أصورت داخل استوديوهات حقيقية أم لا (فيما عدا روسيليني، بقي المخرجون المذكورون آنفا داخل أماكن مغلقة)، كان يعتقد أن الأفلام الحديثة يفترض أن تتصدى للهموم المعاصرة ووعي ما بعد الحرب المنهك.

في كل شهر في مجلته التي كانت تسمى اسما ملائما وهو «الأزمنة الحديثة»، كان سارتر يضغط على الفنانين والمفكرين بجد ليركزوا انتباههم على «المواقف» في العالم، لا على خيالاتهم هم أو مشاعرهم. كان السرياليون يشعرون بلدغة قلمه، وكذلك الشكلانيون من كل نوع، الذين اتهمهم بهجر التاريخ والمسئولية، وبالهروب إلى ملاذ النقاء الجمالي. استخدم سارتر ببراعة خطاب اشتباك عنيفا. وفي محادثة مع سارتر في مقهى سان جيرمان، حدث أن عرف أستروك «الطليعة الجديدة»، بعكس ما هو سائد، بأنها سينما ليست للشعر المرئي ولكن للنثر المرن. ولأن السينما مرتبطة بالضرورة بالعالم بحكم تكنولوجيتها، فهي تضمر حينما تعامل ذاتها على أنها نوع من الشعر. ينبغي أن يولد الشكل من الانشغال بالموضوعات العصية، والمواقف التي تجاهد لإظهارها. كان ذلك هو الإحساس بالأمور في أوج الواقعية الجديدة.

في عام 1953، حينما هدأ زخم الواقعية الجديدة، واندلعت حرب ساخنة في كوريا، وحرب باردة في كل مكان آخر، أجرى تقرير لنخبة من المؤلفين بعنوان «سبع سنوات من السينما الفرنسية» مسحا للمشهد السائد في باريس بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. يحدد الفصل الأول منه بعنوان «عن الطليعة»، الذي كتبه المؤسس المشارك لدورية «كاييه»، جاك دونيول-فالكروز، معالم المشهد بصراحة. يرفع فالكروز من شأن مجموعة من سينمائيي ذلك الوقت إلى منزلة «الموجة الأولى» في فرنسا، وهي جيل طليعة العشرينيات ... لكن مع الفارق. يؤكد أنه لا فائدة من استرجاع تلك الأيام، مشيرا إلى فشل مايا ديرين، والأخوين ويتني، وغيرهم من الهواة الأمريكيين والفرنسيين الذين كانوا يستخدمون عدسات بقياس 16 مليمترا لاستعادة أرضية فقدت بمجيء السينما الناطقة. مثل هذه التجارب المفارقة لزمنها، سرعان ما تصبح شيئا من الماضي؛ أما التطورات الحقيقية فأحدثها منذ عام 1940 ويلز وهيوستن، وبقدر أعظم، بريسون. ولأن السينما تخلت لحسن الحظ عن سعيها نحو «الخصوصية»، فقد نضجت لدرجة أن الأساليب التي كانت تدرس فيما مضى بوصفها «متنافية مع السينماتوغرافيا» قدمت إليها أكبر دفعة للأمام. ويخلص فالكروز إلى أن فيلم كوكتو الرائع «أورفيوس» (1949) يبدو مقيدا - ومن ثم مؤثرا ومقنعا - مقارنة بفيلمه الخيالي المنغمس في ذاته «دم شاعر» («ذا بلاد أوف آ بوت»، «لو سون دان بويت»، 1930).

অজানা পৃষ্ঠা