وطه حسين لا يستطيع أن يطيل في هذا الخطاب إلى عوض، فإن الأسرة تحزم الأمتعة، وتتهيأ للسفر، وهناك كما يقول طه: «جمع للمتفرق، وتفريق للمجتمع، وحمل للأثقال، وما يتصل بذلك من الأمر والنهي والزجر والوعيد ...» •••
وفي مايو 1936 ينتخب طه حسين عميدا لكلية الآداب مرة أخرى، وينعقد مجلس الكلية برئاسته، فيستمع إلى بيانات الأساتذة عن دراساتهم في أقسام الكلية المختلفة: قسم اللغة العربية واللغات الشرقية، وأقسام التاريخ والجغرافيا، والاجتماع والفلسفة، واللغات الحديثة: الإنجليزية والفرنسية، واللغات القديمة: اليونانية واللاتينية، ومعهدي الآثار المصرية والإسلامية اللذين نجح العميد أخيرا في إنشائهما.
يتحدث الأستاذ سليم حسن عن ضرورة زيادة نشاط الكلية في التنقيب عن الآثار، والعميد يقول غير معقول أن نترك التنقيب عن آثارنا للمعاهد الأجنبية، إنه يرى أن أي معهد أجنبي يريد أن يقوم بأي بحوث أو حفائر في مصر يجب عليه أن يتعاون مع الكلية وأساتذتها، إنه يذكر كيف اكتشف الإنجليز مخطوط «نظام الاثينيين» في مصر فنقلوه إلى إنجلترا فاستفادوا به في بلادهم وجهلناه نحن ثلاثين عاما، ويذكر الآثار التي تزين لندن وباريس وروما، ويذكر المتاحف العالمية وما نقل إليها من تحف بل من مومياوات مصرية، ويذكر أوراق البردي والمخطوطات العربية التي تمتلئ بها متاحف أمريكا وأوروبا ومكتباتها، يقول: «منذ انعقد مؤتمر التاريخ في بروكسل في عام 1923، والحديث يدور في الدوائر العلمية حول ضرورة عودة الوثائق والآثار إلى مواطنها الأصلية، ولكن هيهات!»
ويقول للأستاذ سامي جبرة: «إنني سأزور قريبا الحفائر التي تشرف عليها في تونة الجبل، في مديرية المنيا، إن شاء الله.»
وينتقل الحديث إلى المؤتمرات الدولية، فيقول العميد: «لدينا دعوات لمؤتمرات كنا نريد، لولا قلة الاعتمادات، أن نشارك فيها جميعا، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك كله، والمهم أن تكون لاشتراكنا في أي مؤتمر ثماره العلمية.»
ويستمر مجلس الكلية في النظر في بقية ما ورد في جدول أعماله، ومن بين ذلك إقرار إدخال نظام المعيدين إلى كلية الآداب حسبما اقترح العميد. •••
في دار العميد، في شارع سكوت مونكريف في الزمالك، عدد كبير من الضيوف، يتناولون الشاي، فاليوم هو يوم الاستقبال الأسبوعي - يوم الأحد - ومن بينهم أصدقاء وزملاء وزوار، مثل: الدكتور محمد كامل حسين، الشيخ مصطفى عبد الرازق، الدكتور حسين فوزي، الأستاذ سليم حسن، الأستاذ مصطفى عامر، الدكتور سليمان حزين، الدكتور محمد عوض محمد، الأستاذ حامد سلطان، والأستاذ رزق الله مكرم الله، وأجانب منهم مدير مصلحة الآثار المصرية، ومدير مصلحة الآثار الإسلامية، ومفتش اللغة الفرنسية، ومدير المعهد الفرنسي بالقاهرة.
طه حسين يجلس في ركن من أركان الصالون ومعه الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري الأستاذ في كلية الحقوق، والشاعر خليل مطران.
يقول خليل مطران: «في العمل المسرحي يعد النص الأدبي هو الأساس، إن المخرج والممثل إنما يترجمان النص الأدبي ويعطيانه الحياة، ولكن الأساس هو النص.»
ويوافق طه حسين قائلا: «هذا صحيح، لقد نسى التاريخ أسماء المخرجين والممثلين في المسرح اليوناني، أما أسماء المؤلفين فهي خالدة، النص الأدبي هو الأثر الباقي.»
অজানা পৃষ্ঠা