লুঘজ সিস্তার
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
জনগুলি
103
يوسف الجميل
عندما تكبت الرموز السارية في ثقافة ما بفعل سلطة روحية أو سياسية طاغية، فإن هذه الرموز لا تخمد ولا تموت؛ بل تحاول التعبير عن نفسها بطرق باطنية سرية شتى، فتتبدى في أشكال جديدة هي أبعد ما تكون عن أشكالها الأصلية القديمة، مع محافظتها على طاقتها الإيحائية المتدفقة . ولعل حكاية يوسف بن يعقوب التوراتية، هي خير مثال على ذلك. فبعد قرون طويلة من كفاح كهنة يهوه ضد عبادات الخصب الشائعة لدى العبرانيين وجيرانهم الكنعانيين، نجد أسطورة الإله الميت تتسلل إلى التوراة بشكل رمزي جميل، لا تخفى على البصيرة أصولها.
ففي قصة يوسف، تعود إلى الظهور العناصر الأساسية للأسطورة التموزية،
104
وذلك في تبطين حذق لا ندري معه هل جاء تسلل الرمز نتيجة تضمين واع، أم نتيجة تدفق لا شعوري عبر ذاكرة الثقافة. كان يوسف راعيا شابا، غض الإهاب، حسن الصورة، فائق الجمال، رقيق التكوين، ولد ليعقوب في شيخوخته من زوجته الثانية راحيل. فكان الأثير إلى قلب أبيه المفضل على إخوته جميعا. صنع له قميصا ملونا وألبسه إياه، وقد أثار تفضيل الأب ليوسف حقد إخوته وغيرتهم. كما زاد من كرههم له حلم قصه عليهم يتنبأ له بمستقبل عظيم وبتفوقه على إخوته، فقرروا مجتمعين التخلص منه. وبينما هم يرعون الغنم بعيدا عن أرضهم رموا أخاهم في بئر مهجورة بعد أن نزعوا عنه قميصه الملون، وعادوا به إلى أبيهم وعليه دم تيس ذبحوه عند البئر، فأوهموه أن وحشا ضاريا قد افترس يوسف. ولكن قافلة عابرة في طريقها إلى مصر تنتشل يوسف وتحمله معها؛ حيث تبيعه إلى فوطيفار رئيس شرطة الفرعون. وهناك يلقى حظوة عند سيده الذي الذي يأمن له ويسلمه أمور بيته ورزقه؛ لأن الرب كان يأخذ بيد يوسف في كل أمر من أموره.
لم يكن حقد الإخوة، في الواقع، نابعا فقط من تفضيل الأب ليوسف، بل لقد لعب ثوب يوسف الملون دورا هاما في زرع النفور في نفوسهم؛ ذلك أن الأثواب الملونة كانت في التقاليد العبرانية وقفا على النساء من دون الرجال، فكان ثوب يوسف تأسيسا للقيم الأمومية بين الجماعة البطريركية الذكرية من ناحية، وقبولا للجانب الأنثوي في شخصية إله الخصب. هذا وتشير مصادر يهودية أخرى إلى أن الثوب الذي لبسه يوسف، لم يكن سوى الثوب الذي لبسته أمه راحيل يوم عرسها. وبذلك يعود بنا زي يوسف النسائي إلى ثياب الإله ديونيسيوس النسائية، التي تحدثنا عنها في مكان آخر من هذا الفصل، وإلى تربيته في جناح الحريم. فيوسف الذي ولد ليعقوب في شيخوخته من زوجته الثانية، كان ابنا للأم في بيت مليء بأبناء الأب. وإضافة إلى زيه النسائي، فإن ملامح شخصيته العامة ترسم صورة الإله الابن، فتظهر خطوطها متقطعة تحت القناع التوراتي الجامد. ومن ناحية أخرى، ليس هبوط يوسف إلى الجب وصعوده منه، سوى موت رمزي وانبعاث، ويعادل هبوط تموز أو أدونيس إلى العالم الأسفل. ويقدم لنا دم التيس الذي لطخ به قميص يوسف عنصرا هاما. فإذا كان يوسف قد مات في الجب رمزيا، فإن التيس الذي هو رمز من رموز إله الخصب، قد ذبح فعليا وفاضت دماؤه على ثياب يوسف.
في بيت فوطيفار، تقع الزوجة في حب يوسف وتعرض عليه وصالها فيعرض عنها ولاء لسيده، فتتهمه بإغوائها، ويلقى به في السجن سنوات طوال. وهناك يشتهر بتفسيراته الصائبة للأحلام، ومنها تفسيره لحلمين رآهما ساقي فرعون وخبازه اللذان أذنبا إلى سيدهما فألقى بهما في السجن، فكان تفسيره لحلم الخباز أنه سوف يقتل بعد ثلاثة أيام، ولحلم الساقي أنه سوف يعود إلى مكانته وعمله بعد ثلاثة أيام. وقد وقع بعد ثلاثة أيام ما أكد صحة تفسير يوسف؛ إذ تم إعدم الخباز، وإطلاق سراح الساقي. وحدث بعد سنتين من ذلك أن الفرعون قد رأى حلمين أقضا عليه مضجعه فراح يبحث عن تفسير لهما عند حاشيته والمقربين إليه. وهنا يتذكر الساقي زميل سجنه، يوسف مفسر الأحلام، فيؤتى به على عجل، ويقص عليه الفرعون حلميه؛ في الحلم الأول رأى سبع بقرات طالعات من النهر مكتنزات، تتبعهن سبع بقرات هزيلات قميئات، فتأكل البقرات الهزيلات البقرات السمينات. وفي الحلم الثاني يرى سبع سنابل طالعات في ساق واحدة ممتلئة حسنة، وراءها سبع سنابل رقيقة ملفوحة بالريح الشرقية، فتبلع السنابل الرقيقة السنابل الممتلئة. بعد تأمل قصير قال يوسف للفرعون: إن الحلمين في الواقع ليسا إلا حلما واحدا. وتفسيره أنه سوف يأتي على مصر سبع سنين خيرة تعم فيها المواسم الطيبة ، تتلوها سبع سنين عجاف يعم فيها القحط والجفاف. وهنا يؤمن الفرعون بتفسير يوسف، ويطلقه من السجن ليسلمه مباشرة إدارة موارد الدولة. أخذ يوسف يخزن القمح في سنوات الخصب التي ما لبثت أن توالت سبعا تباعا. حتى إذا لاحت بوادر السبع العجاف، أخذ يوزع ما ادخر أيام الوفرة مجنبا البلاد كارثة كانت محققة. ويبدو أن الجفاف لم يضرب أرض مصر فقط في تلك الأيام، بل امتدت آثاره لتشمل جزءا كبيرا من البلاد المجاورة أيضا. لذلك تحدثنا بقية القصة عن إرسال يعقوب لأولاده إلى مصر لشراء الحبوب منها، وعن استقرارهم فيما بعد إلى جانب أخيهم في أرض مصر.
إن إلقاء يوسف في غياهب السجن ثم خروجه منه هو موته الرمزي وبعثه. وكما كان خروجه الأول من الجب بركة وخيرا على فوطيفار، كذلك كان خروجه الثاني من السجن بركة وخيرا على مصر والبلدان لمجاورة. تماما كالإله الابن الذي يشكل موته وبعثه شرطا لاستمرار دورة الطبيعة. ويوسف في تنظيمه لنتاج دورتي الخصب والجدب المؤلفة كل منهما من سبع سنوات، إنما يعيد تمثيل دور الإله بعل الذي تتحكم حياته في إيقاع دورة الخصب المؤلفة من سبع سنوات. كما أن علاقة يوسف بسيدته، زوجة فوطيفار، تحمل إشارة خفية إلى عنصر الخصاء عند الإله الابن، وإلى عنصر الأسطورة المتعلق بإرسال عشتار بحبيبها إلى العالم الأسفل.
مارجورجيوس الأخضر - سيدنا الخضر
অজানা পৃষ্ঠা