كِتَابٌ فِيهِ
لُغَاتُ القُرْآنِ
إِمْلَاءُ
أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بنِ زِيَادٍ الفَرَّاءِ
رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بنِ الجَهْمِ السِّمَّريِّ عَنْهُ
رِوَايَةُ أَبِي بَكْرٍ (هُوَ ابنُ مُجَاهِدٍ إِنْ شَاءَ اللهُ) عَنْهُ
رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى أَجْمَعِينَ
عن نسخةٍ عتيقةٍ ناقصةٍ مُعارَضةٍ
نَسَخَه
جابر بن عبد الله بن سريّع السريّع
وضَبَطَه وصَحَّحه حَسَبَ وُسْعِهِ وطاقتِهِ
1 / 1
بسم الله الرحمن الرحيم
1 / 2
نُشر على الشبكة العالمية
في شعبان سنة ١٤٣٥
1 / 3
قال ناسخه -عفا الله تعالى عنه وعن والديه-:
اعلم -وفقني الله وإياك- أَنِّي وقفتُ على صورة نسخةٍ من كتاب أبي زكريا هذا، فوجدتُّ نسختَه عتيقةً، مضبوطةً ضبطًا يكاد يكون تامًّا، قد عارضها غيرُ ناسخِها بنسخةٍ أخرى، لكنَّها مضطربةُ ترتيبِ الأوراقِ، ناقصةٌ من أولها وآخرها وفي أثنائها، منطمسةٌ ومنقطعةٌ بعضُ كلماتِها.
فرتَّبت أوراقَها، وأثبتُّها على الوَجْهِ كما هي، بهِجَاء أهلِ زمانِنا، مقتصرًا في ضبطِها على ما ترى، مجتهدًا في تصحيحِ خطئِها، وتتميمِ نقصِها، مشيرًا إلى ذلك بقولي في الحاشية: «في النسخة: كذا»، واضعًا ثلاثَ نقطٍ متوالياتٍ هكذا ... مكانَ الكلمةِ المنطمسةِ أو المنقطعةِ فيها، جاعلًا بين معقوفين هكذا [] ما كتبه غيرُ ناسخها في متنها أو حاشيتها تصحيحًا أو بيانًا لفرقٍ أو زيادةٍ.
وهذا أولُ ما ألفيتُ فيها:
1 / 4
ضمةٌ بعدَها كسرةٌ في حرفٍ واحدٍ؛ لأن ذلك غيرُ موجودٍ في الأسماءِ.
وسمعتُ نفرًا من رَبِيعَةَ يرفعون الدالَ واللامَ؛ فَيقولون: «الحَمْدُ لُلَّهِ». وإنما رفعوهما جميعًا؛ لأنهم تَوَهَّموا أنه حرفٌ واحدٌ، والحرفُ الواحدُ قد يكونُ فيه ضمتان مجتمعتان، مثلُ: الحُلُمِ، والْعُقُبِ.
والمَثَلُ (١) فِي تغليبِهم رفعةَ الدالِ على اللامِ وكسرةَ اللامِ على الدالِ بمنزلةِ قولِهم: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا﴾، و«رِدُّوا»، و«قِيْلَ»، و«قُولَ» (٢).
* وفي ﴿الرَّحِيمِ﴾ وما كان ثانيه واحدًا من الستةِ الأحرفِ وهو على «فَعِيلٍ» (٣)؛ فإن أهلَ الحجازِ وبني أَسَدٍ يفتحون أوَّلَه، وعليه القراءةُ.
وكثيرٌ من العربِ: قَيْسٌ وتَمِيمٌ ورَبِيعَةُ ومَن جاورهم؛ يكسرون أوائلَ الحروفِ، فَيقولون للبَعِيرِ: بِعِيرٌ، وللَّئِيمِ: لِئِيمٌ، وللبَخِيلِ: بِخِيلٌ، ورِغِيفٌ، وشِهِيدٌ، ولا يُقْرَأُ بها؛ لأن القراءةَ قد جَرَتْ على اللغةِ الأُولى.
* وأما قولُه: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾؛ فللعربِ فيه لغةٌ إذا نودي: ذُكِرَ عن بعضِ القُرَّاءِ أنه قَرَأَ: ﴿يَا مَالِ لِيَقْضِ عَلَيْنَا﴾، فقيل له: ﴿يَا مَالِك﴾، فقال: تلك لغةٌ، وهذه لغةٌ.
ومَن قَرَأَ: ﴿مَلِك﴾؛ فإن معناه غيرُ معنى ﴿مَالِك﴾، وهما متقاربان،
_________
(١) في النسخة: «والمُثلُ».
(٢) في النسخة: «وَقِيْلُ وقُِولَ»، وكأنَّ ضمة اللام في «قِيْلُ» كانت فتحةً.
(٣) في النسخة: «فَعِيْلَ».
1 / 5
فأما ﴿مَلِك﴾ فهو في معنى المُلْكِ، كقولِه: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾، ومَن قَرَأَ: ﴿مَالِك﴾؛ فإنه يريدُ -واللهُ أعلمُ-: حاكمٌ ومُجَازٍ بالدينِ.
وقد ذُكِرَا جميعًا عن النبيِّ صلى اللهُ عليه:
حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني خَازِمُ بنُ حُسَيْنٍ البَصْرِيُّ، عن مَالِكِ بنِ دِينَارٍ، عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قال: قَرَأَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وأبو بَكْرٍ وعُمَرُ وعُثْمَانُ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾.
حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: وحدَّثني أبو بَكْرِ بنُ عَيَّاشٍ، قال: حدَّثني سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عن رجلٍ قد سمَّاه، عن أمِّ سَلَمَةَ، قالت: سمعتُ النبيَّ صلى اللهُ عليه يقرأُ (١): ﴿مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾، بغيرِ ألفٍ.
حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثنا شَرِيكٌ (٢)، عن أبي إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيِّ، عن يَحْيَى بنِ وَثَّابٍ، أنه قَرَأَ ... بغير ألفٍ.
* وفي ﴿نَسْتَعِينُ﴾ لغتان: فأما قُريْشٌ (٣) وكِنَانَةُ فينصبون النونَ، وعليها القراءةُ.
وعامةُ العربِ من تَمِيمٍ وأَسَدٍ وقَيْسٍ ورَبِيعَةَ يقولون: نِسْتَعِينُ، وتِسْتَعِينُ،
_________
(١) لم أتيقَّن ما هاهنا؛ أهو «يقرأ» أم «يقول»؟ والمثبت الأظهر.
(٢) في النسخة: «شرِيكُ».
(٣) في مواضعها المضبوطة في النسخة جميعًا: «قُرِيْش» على الإمالة.
1 / 6
وأنا إِسْتَعِينُ (١)، ولا يقولون: هو يِسْتَعِينُ، بكسرِ الياءِ؛ لأن الياءَ قد يُتركُ كسرُها في الإعرابِ الذي تستحقُّه، فهي هاهنا أولى بأن يُسْتثقلَ فيها الكسرُ؛ ألا ترى أنهم لا يقولون: مررتُ بقاضيٍ (٢)؛ استثقالًا للكسرِ في الياءِ؛ فكذلك استُثْقِل الكسرُ فيها. وقد يقولُ ذلك بعضُ كَلْبٍ، وهي من الشاذِّ.
وقد قَرَأَتِ القُرَّاءُ بالكسرِ في ﴿نِسْتَعِينُ﴾ وفي غيرِها، من ذلك: أنهم قرءُوا: ﴿وَلَا تَِرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتِمَسَّكُمُ النَّارُ﴾، و﴿مَا تِشَاءُونَ﴾، و﴿تِخَافُونَ﴾، و﴿مَالَكَ لَا تِيمَنَّا عَلَى يُوسُفَ﴾، و﴿أَلَمْ إِعْهَدْ إِلَيْكُمُ﴾، و﴿قَبْلَ أَنْ إِيذَنَ لَكُمْ﴾، و﴿يَوْمَ تِبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتِسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾، و﴿تِطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا﴾.
وما كان مثلَه (٣) من فِعْلٍ قد زِيدَ فيه، مثلُ: اسْتَفْعَلْتُ، وانْفَعَلْتُ، وافْتَعَلْتُ؛ أَجْرَيتُه على هذا المَجْرى، والقراءةُ باللغةِ الأُولى.
وما كان من الفعلِ ليس فيه زيادةٌ فإنما تُكسَرُ التاءُ منه والنونُ والألفُ إذا كانت «فَعَلْتُ» مكسورةَ العينِ، مثلَ: عَلِمْتُ، وجَهِلْتُ، وأما ما كان مفتوحَ العينِ، مثلَ: ضَرَبَ، أو مضمومَ العينِ، مثلَ: شَرُفَ، فلا يقالُ ذلك فيه؛ فخَطَأٌ أن تقولَ: أنت تِشْرُفُ، وخَطَأٌ أن تقولَ: أنت تِضْرِبُ.
وإنما كسروا في «تَفْعَلُ» إذا كان على «فَعِلْتُ»؛ لأنهم أرادوا أَن يُبْقُوا
_________
(١) في النسخة: «نَستِعينَ، وتَستعينَ، وَأنا اَسْتَعيْن».
(٢) في النسخة: «بقَاضِيْ».
(٣) في النسخة: «مِثْلُهُ»، وكأنَّ ضمة اللام كانت فتحةً.
1 / 7
في «يَفْعَلُ» كسرةً؛ ليُعْلَمَ أنها من فِعْلٍ مكسورةٍ عَيْنُه، إذ لم يَسْتَقِمْ لهم أن يجعلوا الكسرةَ في العينِ، ولا في الفاءِ؛ لجَزْمِ (١) الفاءِ، فجعلوها في التاءِ وفي الألفِ وفي النونِ.
وفي قولِه: ﴿لَا تَوْجَلْ﴾ ثلاثُ لغاتٍ: فأما لغةُ قُريْشٍ وكِنَانَةَ فإنهم يقولون: نحن نَوْجَلُ، وهو يَوْجَلُ، وأنا أَوْجَلُ.
وأما بنو تَمِيمٍ فإنهم يقولون: أنت تِيجَلُ، وإِيجَلُ، ونِيجَلُ، ويِيجَلُ، فيكسرون الياءَ في هذا الحرفِ، ولا يكسرونها في «تَعْلَمُ». وإنما كَسَروا الياءَ؛ لأنهم وَجَدوا الواوَ في «تِيجَلُ» و«إِيجَلُ» و«نِيجَلُ» قد تَحَوَّلت ياءً؛ لِكسرِ ما قبلَها، فكَرِهوا أن يفتَحوا الياءَ، فتَصِحَّ الواوُ، فتكونَ (٢) في بعضِه واوًا، وفي بعضِه ياءً؛ فاحتَمَلوا كسرةَ ياءِ الفِعْلِ؛ لِيَتَأَلَّفَ الحرفُ بالياء في كلِّه.
وأما بنو عَامِرٍ فإنهم على لغة تَمِيمٍ في الألفِ والنونِ والتاءِ، فإذا صاروا إلى الياءِ فَتَحوها، وصيَّروا الواوَ ألفًا، فقالوا: هو يَاجَلُ، ويَاجَعُ (٣). وإنما صيَّروا الواوَ ألفًا؛ لفَتْحِها، وتَوَهَّموا أن الياءَ تَجُرُّ الواوَ إلى الألفِ، كما جَرَّتْها التاءُ والنونُ والألفُ إلى الياء.
وما كان على «فَعَلَ يَفْعَلُ» فلا تَكْسِرَنَّ فيه التاءَ والنونَ والألفَ، مثل:
_________
(١) في النسخة: «يجَزْمِ».
(٢) في النسخة: «فَتكُوْنُ».
(٣) في النسخة: «وَياجِعُ».
1 / 8
ذَهَبَ يَذْهَبُ، لا تقولُ فيه: أنت تِذْهَبُ، ولا: أنت تِقْرَأُ؛ لأن «فَعَلَ» منه مفتوحٌ.
وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه سمع بعضَ بني دُبَيْرٍ (١) من أَسَدٍ يقولون: أنت تِلْحَنُ، وتِذْهَبُ. وإنما استَجَازوا ذلك؛ لأنهم كثيرًا يقولون في لَجَاتُ: لَجِئْتُ، فيَكسِرون العينَ في «فَعِلْتُ»؛ لِفَتْحِهم إياها في «يَفْعَلُ» (٢)، يقولون: هَزِئْتُ، وهَزَاتُ، وبَرِئْتُ، وبَرَاتُ من الوَجَعِ.
* (٣) ورَبِيعةُ بنُ نِزَارٍ يُخَفِّفون «مَلِك»، فيقولون: مَلْك (٤).
وقال الأَعْشى:
فَقَالَ لِلْمَلْكِ: سَرِّحْ مِنْهُمُ مِائَةً ... رِسْلًا مِنَ الْقَوْلِ مَخْفُوضًا وَمَا رَفَعَا (٥)
وقال أبو النَّجْمِ:
تَمَشِّيَ الْمَلْكِ عَلَيْهِ حُلَلُهْ
* و«الصِّرَاطُ» فيه لغاتٌ أربعُ: فاللغةُ الجيِّدةُ لغةُ قُريْشٍ الأُولَى التي
_________
(١) في النسخة: «زُييْرٍ».
(٢) في النسخة: «يَفْعِلُ».
(٣) من هاهنا إلى آخر بيت أبي النجم الآتي تقدَّم في النسخة المعارض بها، فجاء بعد قوله آنفًا: «عن يحيى بن وثاب أنه قرأ ... بغير ألف»، وهو أليق به، فكُتب هاهنا على أوله: «لا» وعلى آخره: «إلى»، وأمامه في الحاشية: «مُعَادٌ»، وأُلحق هناك في موضعه بتمامه في الحاشية.
(٤) في النسخة: «يُخَفّفُونَ مَلْكٍ، فيَقُولُوْنَ: مَلْكِ».
(٥) في النسخة: «رَفِعا»، وفي موضعها المتقدِّم الملحق في الحاشية كما أثبت.
1 / 9
جاء بها الكتابُ؛ بالصادِ.
وعامةُ العربِ يجعلونها سينًا، فيقولون: السِّراطُ، بالسينِ.
حدَّثني محمدٌ، قال: حدَّثنا الفرَّاءُ، قال: حدَّثني سُفْيانُ بنُ عُيَيْنةَ، عن (١) عَمْرٍو، عن ثابتٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، أنه قَرَأَها بالسينِ.
وبعضُ قَيْسٍ يُسَمِّنُ الصادَ، فيقولُ: الصَراط، بين الصادِ والسينِ.
وكان حمزةُ يَقرأُ: الزِّرَاطَ، بالزايِ، وهي لغةٌ لعُذْرَةَ وكَلْبٍ وبني القَيْنِ، يقولون: اُزْدُقْ، فيجعلونها زايًا؛ لانْجِزَامِها.
ولا تَدْخُلُ هذه اللغةُ في قوله: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾؛ لأنها متحركةٌ، وقد قالت العربُ: الأَزْدُ والأَسْدُ، وهذا من ذلك.
* ﴿أَنْعَمْتَ عَليْهم﴾، وفي «عَليْهم» لغتان: فأما قُريْشٌ وأهلُ الحجازِ ومَنْ حَوْلَهم من فصحاءِ اليمنِ فإنهم يقولون: عَلَيْهُم، برَفْعِ الهاءِ، وعَلَيْهُمَا، وعَلَيْهُنَّ، و﴿يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهُ الذِّكْرُ﴾، و﴿لَا رَيْبَ فِيهُ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾، ﴿ومَا تَنَزَّلَتْ بِهُ الشَّيَاطِينُ﴾، ونَزَلْتُ بهُ، فيرفعون الهاءَ.
وأهلُ نجدٍ من أَسَدٍ وقَيْسٍ وتَمِيمٍ يكْسِرُونَها (٢)، فيقولون: عَلَيْهِ، وعَلَيْهِمَا، وعَلَيْهِم.
وأما كِنَانةُ وبعضُ بني سَعْدِ بنِ بَكْرٍ -وهم أَرِبَّاءُ النبيِّ صلى الله عليه-
_________
(١) في النسخة: «عَِن».
(٢) في النسخة: «وَيكْسِرُونَها».
1 / 10
فإنهم أيضًا يكسرونها، فإذا استَقْبَلَتْها ألفٌ ولامٌ رَفَعوا الهاءَ والميمَ، مثلُ: ﴿إِلَيْهُمُ الْمَلَائِكَةَ﴾، و﴿عَلَيْهُمُ الْقَوْلَ﴾، وبها كان يأخذُ الكِسَائِيُّ، وهي عندنا أفصحُ اللغاتِ؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه قال: «أنا أَفْصَحُكُمْ، نَشَاتُ فِي أَخْوَالِي».
وبعضُ بني أَسَدٍ يكسرُ الهاءَ في «عَلَيْهِمُ»، ويرفعُ الميمَ عندَ الألفِ واللامِ، فيقولُ: ﴿عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ﴾، كلُّ ذلك صوابٌ حَسَنٌ.
بسم الله الرحمن الرحيم (١)
ومِن سورةِ البَقَرةِ
* ﴿[ال ـم]. ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾، في «ذلك» لغتان: أما أهلُ الحجازِ فيقولون: ذَلِكَ، باللامِ، وبه جاء الكتابُ في كلِّ القرآنِ.
وأهلُ نجدٍ من قَيْسٍ وأَسَدٍ وتَمِيمٍ ورَبِيعةَ يقولون: ذَاكَ.
* وقولُه: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾، الهُدَى مذكَّرٌ في لغةِ العربِ كلِّها.
وبعضُ بني أَسَدٍ تقولُ: هذه هُدًى حَسَنةٌ، فتُؤنِّثُ الهدى.
* ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ﴾، لغةُ العربِ جميعًا «الَّذِينَ»، بالياءِ في موضعِ الخفضِ والرفعِ والنصبِ، وبذلك جاء التنزيلُ.
_________
(١) تأخرت البسملة في النسخة، وفوقها: «مؤخر»، أي: من تقديمٍ، وفوق قوله: «ومن سورة البقرة»: «مقدم»، أي: من تأخيرٍ.
1 / 11
وبعضُ هُذيْلٍ (١) يقولون: اللَّذُونَ، في الرفعِ، والَّذِينَ، في النصبِ والخفضِ.
أَنْشَدَنِي بعضُهم:
وَبَنُو نُويْجِيَةَ (٢) اللَّذُونَ كَأَنَّهُمْ ... مُعْطٌ مُخَدَّمَةٌ مِنَ الْخِزَّانِ
وبعضُ العربِ يجعلُ «الذين» و«الذي» بمنزلةِ الواحدِ، فيقولُ: مررت بالذي قالوا ذاك.
أَنْشَدَنِي بعضُهم:
فَإِنَّ الَّذِي حَانَتْ بِفَلْجٍ دِمَاؤُهُم ... هُمُ الْقَوْمُ كُلُّ الْقَوْمِ يَا أُمَّ جَعْفَرِ
أَمْلاه الفرَّاءُ: «يَا أُمَّ جَعْفَرٍ»، وأَنْشَدَ غيرُه: «يَا أُمَّ خَالِدٍ».
* وفي «أُولَائِكَ» لغاتٌ: فأما قُريْشٌ وأهلُ الحجازِ فيقولون: أُولَئِكَ.
وأما قَيْسٌ وتَمِيمٌ ورَبِيعةُ وأَسَدٌ فيقولون: أُلَاكَ.
وبعضُ بني سَعْدِ بنِ تَمِيمٍ يقولون: أُلَّاكَ، فيُشَدِّدون اللامَ.
وبعضُهم يقولُ: أُلَالِكَ، فجَعَلَ مكانَ الهمزةِ لامًا مكسورةً.
وأَنْشَدَنِي بعضُهم:
أُلَالِكَ قَوْمِي لَمْ يَكُونُوا أُشَابَةً ... وَهَلْ يَعِظُ الضِّلِّيلَ إِلَّا أُلَالِكَا؟
* وقولُه: ﴿أَأَنذَرْتَهُمْ﴾ فيها لغاتٌ: أكثرُ كلامِ العربِ أن يتركوا الهمزةَ
_________
(١) في بعض مواضعها المضبوطة في النسخة: «هُذِيْل» على الإمالة.
(٢) في النسخة: «نُوِيْجيَةَ» على الإمالة.
1 / 12
الثانيةَ، فيقولون: آنْذَرْتَهُم (١)، فيَجْمعون بين ساكنَيْن.
وبهذا قَرَأَ الفرَّاءُ (٢) والكِسَائِيُّ.
وهي لغةُ قُريْشٍ وسَعْدِ بنِ بَكْرٍ وكِنَانةَ وعامةِ قَيْسٍ.
وأما هُذيْلٌ وعامَّةُ تَمِيمٍ وعُكْلٌٍمعا ومَن جاوَرَهم فإنهم يُثْبِتون الهمزتين. ورُبَّما جَعَلوا بين الهمزتين مَدَّةً؛ استثقالًا لاجتماعِهما، فيقولون: آأنتَ (٣) قلتَ ذاك، ﴿آأَنْذَرْتَهُمْ﴾، ﴿آإِذَا مُتْنَا﴾.
وقال ذو الرُّمَّةِ، وهو مِن عَدِيِّ تَمِيمٍ:
أَيَا ظَبْيَةَ الْوَعْسَاءِ بَيْنَ جُلَاجِلٍ ... وَبَيْنَ النَّقَا آأَنْتِ (٤) أَمْ أُمُّ سَالِمْ؟
وبعضُ العربِ يجعلُ الهمزةَ الأولى هاءً، فيقولون: «هاأنتِ أَمْ أُمُّ سَالِمْ؟».
* وفي قولِه: ﴿وَعَلى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ﴾ لغاتٌ: فأما قُريْشٌ وعامةُ العربِ فيكسرون الغينَ من «غِشَاوَة»، وقد اجتَمَع عليه القُرَّاءُ.
وبعضُ العربِ يقول: «غَشَاوَةٌ»، بفتح الغينِ، وأَظُنُّها لرَبِيعةَ.
وعُكْلٌ يقولون: «غُشَاوَةٌ»، يرفعون الغينَ.
_________
(١) في النسخة: «أانذَرْتَهُم».
(٢) بإزاء نقطة الفاء في النسخة نقطةٌ أَبْهَتُ منها حبرًا، كأنَّها مضافةٌ بعدُ.
(٣) رسمت في النسخة: «أآأنْتَ»، وكذا نظائرها الآتية.
(٤) في النسخة: «أآأنْتَ».
1 / 13
* والعربُ جميعًا يقولون: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ﴾ يرفعون الميمَ من «هُمُ» عندَ الألفِ واللامِ، إلا بني سُليْمٍ (١)؛ فإني سمعتُ بعضَهم (٢) يُنْشِدُ:
فَهُمُ بِطَانَتُهُم وَهُمْ وُزَرَاؤُهُمْ ... وَهُمِ الْقُضَاةُ وَمِنْهُمِ (٣) الْحُجَّابُ
فشَبَّهوها بالأداةِ إذا استَقْبلتْها ألفٌ ولامٌ.
* وأهلُ الحجازِ من قُريْشٍ ومَن جاوَرَهم يقولون: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ بكسرِ القافِ في «قِيلَ»، و«جِيءَ»، و«سِيئَتْ» (٤)، و«حِيلَ»، و«غِيضَ»، وما كان مثلَه من ذواتِ الثلاثةِ من الياءِ والواوِ؛ فإن أوَّلَه مكسورٌ، وهو بالياءِ.
وكثيرٌ من قَيْسٍ من عُقَيْلٍ ومَن جاوَرَهم وعامةُ أَسَدٍ يُشِيرون إلى ضمةِ القافِ من «قُِيلَ» (٥) و«حُِيلَ»، وهي قراءةُ الكِسَائِيِّ، وقد تابَعَه عليها كثيرٌ من القُرَّاءِ.
وبنو فَقْعَسٍ وبنو دُبَيْرٍ من بني أَسَدٍ يقولون: قُولَ (٦)، وحُولَ، وغُوضَ.
أَنْشَدَنِي بعضُهم:
وَابْتُذِلَتْ غَضْبَياممال وَأُمُّ الرَحّال
_________
(١) في بعض مواضعها المضبوطة في النسخة: «سُلِيْم» على الإمالة.
(٢) في النسخة: «بَعْضُهُم».
(٣) في النسخة: «هُمِ» و«مِنْهُمِ»، مصحَّحتين من: «هُمُ» و«مِنْهُمُ».
(٤) في النسخة: «شِيءَتْ».
(٥) في النسخة: «قُيلَ».
(٦) في النسخة: «قُوْلُ».
1 / 14
وَقُولَ: لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا مَال
ولا تُدْخَلُ هذه في القراءةِ؛ لمخالَفَتِها الكتابَ.
* ﴿إِنَّا مَعَكُمْ﴾، [بفتحِ العينِصحـ]، و«مَعْكُمْ»، بجزمِ العينِ.
أَنْشَدَنِي بعضُهم:
وَمَن يَتَّقْ فَإِنَّ اللهَ مَعْهُ ... وَرِزْقُ اللهِ مُؤْتَابٌ وَغَادٍ
* ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مَسْتَهْزِيُونَ﴾، كُتِبَتْ بغيرِ الهمزِ، وقُريْشٌ وعامةُ غَطَفَانَ وكِنَانةَ على تركِ الهمزةِ، فبعضُهم يجعلُها بمنزلةِ «يَسْتَقْضُونَ»، و«يَسْتَدْعُونَ»، ليس فيها أثرٌ من الهمزِ.
وبعضُ تَمِيمٍ وقَيْسٍ يُشِيرون إلى الزايِ بالرفعِ، فيقولون: مُسْتَهْزُوْنَ، وهي بينَ الرفعةِ والكسرةِ.
وهُذيْلٌ وكثيرٌ من تَمِيمٍ يُصَرِّحُون بالهمزِ، فيقولون: مُسْتَهْزِئُونَ.
ورأيتُها في مصاحفِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودِ بِأَلِفٍ: «ي س ت هـ ز اون».
مَن قال: يَسْتَهْزُوْنَ، بغيرِ همزٍ؛ فإنه يقولُ: استَهْزَيتُ (١) بالرجلِ، ومَنْ أشار إلى الزايِ بالضمِّ قال: استَهْزَاتُ، بألفٍ ساكنةٍ غيرِ مَنْبُورةٍ، والهمزُ معروفٌ.
* ﴿اشْتَرَوُا (٢) الضَّلَالَةَ﴾، الواوُ مرفوعةٌ إذا استَقْبلتْها الألفُ واللامُ، وهي لغةُ قُريْشٍ وعامةِ العربِ.
_________
(١) في النسخة: «اَسْتَهْزيْتُ».
(٢) في النسخة: «اَشْتروا» بفتح الهمزة، وكذا ما بعدها.
1 / 15
وبعضُهم يقولُ: ﴿اشْتَرَوِا الضَّلَالَةَ﴾، فيكسرُ الواوَ؛ يُشَبِّهُها بالأداةِ، كما قالوا: ﴿وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا﴾.
وحَكَى الكِسَائِيُّ عن بعضِ العربِ أنه يهمزُ الواوَ؛ لانْضِمامِها، فيقولُ: ﴿اشْتَرَؤُا الضَّلَالَةَ﴾.
وزَعَم أن بعضَهم يُلْقِي حركةَ الهمزِ من الواوِ، فيقولُ: ﴿اشْتَرُوا الضَّلَالَةَ﴾، كأنَّ الواوَ ساقطةٌ، ويُشِيرُ إلى الراءِ بالرفعِ. وكذلك: ﴿عَصَُوِا الرَّسُولَ﴾، وما أشبَهَهُما.
* أهلُ الحجازِ وبنو أَسَدٍ يُثَقِّلُون «الظُّلُماتِ»، و«الحُجُراتِ»، و«الغُرُفاتِ»، و«الخُطُواتِ».
وتَمِيمٌ وبعضُ قَيْسٍ يخفِّفُونها، فيقولون: ظُلْماتٌ، وحُجْراتٌ، وخُطْواتٌ، وغُرْفاتٌ.
* وقُريْشٌ ومَن جاوَرَهم من فصحاءِ العربِ يقولون: صَاعِقةٌ، وصَوَاعِقُ، والقومُ يُصْعَقُون.
وتَمِيمٌ ورَبِيعةُ يقولون: صَوَاقعُ، والقومُ يُصْقَعُون.
قال جَرِيرٌ:
تَرَى الشَّيْبَ فِي رَاسِ الْفَرَزْدَقِ قَدْ عَلَا ... لَهَازِمَ قِرْدٍ رَنَّحَتْهُ الصَّوَاقِعُ
تَعَرَّضَ حَتَّى أُثْبِتَتْ بَيْنَ أَنْفِهِ ... وَبَيْنَ مَخَطِّ الْحَاجِبَيْنِ (١) الْقَوَارِعُ
_________
(١) في النسخة: «الجَاجبَيْنِ».
1 / 16
* ﴿وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ﴾، أهلُ الحجازِ يفتحون «شاء» وما كان مثلَها من الياءِ وذواتِ الياءِ (١) والواوِ، فيقولون: شَاءَ، وجَاءَ، وخَافَ، وطَابَ، وكَادَ، وزَاغَ، وزَاغُوا.
وعامةُ أهلِ نجدٍ من تَمِيمٍ وأَسَدٍ وقَيْسٍ يُشِيرون إلى الكسرِ في ذواتِ الياءِ، مثل هذه الحروفِ، ويفتحون في ذواتِ الواوِ، مثل: قَالَ، وحَالَ، وشِبْهِه (٢).
وأحسنُ ذلك أمرٌ بين الكسرِ المُفْرِطِ والفتحِ المُفْرِطِ، وكان عاصمٌ يُفْرِطُ في الفتحِ، وحمزةُ يُفْرِطُ في الكسرِ، وكان عاصمٌ (٣) يقولُ: إنما الكسرُ بَقِيَّةٌ من لغةِ أهلِ الحِيرَةِ؛ لأنهم كانوا المعلِّمين لأهلِ الكوفةِ حينَ خُطَّتْ (٤)، وليس الأمرُ كما قال عاصمٌ؛ لأنَّا قد سمعنا ذلك من العربِ الذين لا يَكْتُبون، وهي في مصاحفِ أُبَيٍّ: «ش ي ا»، و: «ج ي ا»، ﴿وَلِلرِّجَالِ﴾: «ل (٥) ل ر ج ي ل»، فكُتِبت بالياءِ؛ لِمَكَانِ الكسرِ.
* ﴿إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، بعضُ قَيْسٍ يقولُ: بارك اللَّهُ
_________
(١) في النسخة: «الياءَ».
(٢) في النسخة: «وَشبهَهُ».
(٣) في النسخة: «عَاصِمُ».
(٤) في النسخة: «خَُطَّتْ».
(٥) في النسخة: «لَ».
1 / 17
فيك، فيحذفُ الألفَ التي تَلِي الهاءَ.
أَنْشَدَنِي بعضُهم:
أَلَا لَا بَارَكَ اللَّهُ خف فِي سُهيْلٍ (١) ... إِذَا مَا اللهُ بَارَكَ فِي الرِّجَالِ
مقصورةٌ، مختَلَسةُ الهاءِ.
ولا أُدخِلُها في القراءةِ.
* ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُم﴾، لغةُ العربِ فتحُ الهاءِ.
وبعضُ بني مالكٍ من بني أَسَدٍ -رَهْطُ شَقِيقِ بنِ سَلَمَةَ- يقولون: يا أيُّهُ الناس، ويا أيَّتُهُ المرأةُ، ولا يَدْخُلُ في القراءةِ. وإنما رفعوا الهاءَ؛ تَوَهُّمًا أنها آخرُ الحرفِ؛ لكثرةِ ما وُصِلتْ به.
وقد حُذِفتِ الألفُ في ثلاثةِ مواضعَ: أولها: ﴿أَيُّهُ الْمُؤْمِنُونَ﴾، و﴿يَا أَيُّهُ السَّاحِرُ﴾، و﴿أَيُّهُ الثَّقَلَانِ﴾. وإن شئتَ جعلتَ سقوطَ الألفِ (٢) من هذه اللغةِ، وإن كانتْ لم يُقْرَا بها، وإن شئتَ جعلتَ حذفَ الألفِ لَمَّا استَقْبَلَتْ ساكنًا وهي ساكنةٌ، مثلَ ما كتبوا: ﴿سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ﴾، بطرحِ الواوِ.
* وقولُه: ﴿وَالسَّمَاءَ بِنَاءً﴾، قُريْشٌ ومَن جاوَرَهم وأهلُ نجدٍ يَمُدُّون «البِنَاءَ»، وبعضُ العربِ يَقْصُرُه وأوَّلُه مكسورٌ، وذلك وجهٌ، وبعضُهم يَضُمُّ
_________
(١) في النسخة: «سُهِيْلٍ» على الإمالة.
(٢) في النسخة: «الألفَ».
1 / 18
أوَّلَه (١) ويَقْصُرُه.
وأوَّلُه مكسورٌ: فإن شئتَ كان واحدًا مقصورًا، وإن شئتَ جعلتَه جِمَاعًا واحدتُه: بِنْيَةٌ.
فإذا وقفتَ عليه وهو منصوبٌ قلتَ: بِنَاءً (٢)، بثلاثِ ألفاتٍ، هذه لغةُ الذين يهمزون.
ومَن كان لا يَنْبِرُ قال: بِنَاءًا، فأشار إلى الهمزِ، وكان حمزةُ يفعلُ ذلك، فيقولُ: ﴿إِنَّا أَنشَانَاهُنَّ إِنشَاأَ﴾، ومثلُه: ﴿أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاأَ﴾، كأنه يُشِيرُ إلى الهمزِ، وليس يهمزُ.
وبعضُ قَيْسٍ يقولون: إِنشَايَا، وبِنَايَا، ولا تَدْخُلُ في القراءةِ؛ لخِلَافِها للكتابِ.
من ذلك: قولُ الشاعرِ:
إِذَا مَا الشَّيْخُ صَمَّ فَلَمْ يُكَلِّمْ ... وَلَمْ يَكُ سَمْعُهُ إِلَّا نِدَايَا
وهو كثيرٌ في لغاتِهم.
وقال الآخرُ:
غَدَاةَ تَسَاتَلَتْ مِن كُلِّ أَوْبٍ ... كِنَانَةُ عَاقِدِينَ لَهُمْ لِوَايَا
وَذلك لِمَكَانِ الْهَمْزِ؛ وَأَنَّ لُغَتَهُمْ تَرْكُهُ.
_________
(١) في النسخة: «أَوّلُهُ».
(٢) رسمت في النسخة: «بِناءأًا».
1 / 19
وزَعَم الكِسَائِيُّ أنه سمع بعضَ أهلِ تِهَامةَ يقولُ: شَرِبتُ مًا (١) يا هذا، فيجعلُها بألفٍ واحدةٍ، وذلك أنه ترك الهمزةَ، فسَكَنَتْ، فَأُسْقَِطَتِمعا الألَِفُمعا (٢)؛ لسكونِها، ثم جاءت ألفُ الإعرابِ ساكنةً، فسَقَطَتْ لها الهمزةُ؛ لسكونِها، ولستُ أشتهي ذلك؛ لأن الممدودَ يلتبسُ بالمقصورِ.
* ﴿فَاتُوا بِسُورَةٍ﴾، العربُ على الهمزِ وتمامِ الحرفِ.
ومنهم مَن يحذفُ ألفَ الأمرِ والهمزةَ جميعًا، فيقولون للرجل: تِ زيدًا، وللاثنين: تِيَا، وللثلاثةِ: تُوا، كما قالوا: كُلْ، وخُذْ.
أَنْشَدَنِي بعضُهم:
فَإِنْ نَحْنُ لَمْ نَنْهَضْ لَكُمْ فَنُبِزْكُمُ ... فَتُونَا فَقُودُونَا إِذًا بِالْخَزَائِمِ (٣)
وقال الآخرُ:
تِ لِي آلَ عَوْفٍ فَانْدُهُمْ لِي جَمَاعَةً ... وَسَلْ آلَ عَوْفٍ: أَيُّ شَيْءٍ يَضِيرُهَا؟
* وأهلُ الحجازِ يقولون: اتَّقُوا اللهَ، بالتشديدِ.
وتَمِيمٌ وأَسَدٌ يقولون: تَقُوا اللهَ.
وقال الشاعرُ:
تَقُوهُ أَيُّهَا الْفِتْيَانُ إِنِّي ... رَأَيْتُ اللهَ قَدْ غَلَبَ الْجُدُودَا
_________
(١) رسمت في النسخة: «مًَا».
(٢) أشار الناسخ هاهنا إلى قراءتين للعبارة: الأولى: «فأُسقِطَتِ الألفُ»، والثانية: «فأَسْقَطَتِ الألفَ».
(٣) في النسخة: «بالَخرايمِ»، مصحّحةً من: «بالجَرايمِ».
1 / 20