67

من كلمة سونج

Song

بمعنى الغناء.

فالشعر الذي لا يضبط بالوزن أو القافية موجود في اللغات السامية واللغات الآرية، وبعضه لا يزيد الإيقاع فيه على الموازاة بين السطور بغير ضابط متفق عليه، وبعضه يضبط فيه الإيقاع بعدد المقاطع والنبرات، ولا ينتهي إلى قافية ملتزمة في القصيدة أو المقطوعة الصغيرة.

إنما الوزن المقسم بالأسباب والأوتاد والتفاعيل، والبحور خاصة عربية نادرة المثال في لغات العالم، وكذلك القافية التي تصاحب هذه الأوزان.

ومرجع ذلك إلى أسباب خاصة لم تتكرر في غير البيئة العربية الأولى، أهمها سببان: هما الغناء المنفرد، وبناء اللغة نفسها على الأوزان.

فالأمم التي ينفرد فيها الشاعر بالإنشاد تظهر القافية في شعرها؛ لأن السامعين يحتاجون إلى الشعور بمواضع الوقوف والترديد، ولكن الجماعة إذا اشتركت في الغناء لم تكن بها حاجة إلى هذا التنبيه؛ لأن المغنين جميعا يحفظون الغناء بفواصله، ولوازمه ومواضع النبر والترديد في كلماته وفقراته، فينساقون مع الإيقاع بغير حاجة إلى القوافي عند نهاية السطور، وإنما تنشأ الحاجة إلى القافية، أو وقفة تشبه القافية، عند تفاوت السطور وانقسام القوم إلى منشدين ومستمعين.

يقول العلامة جلبرت موري - وهو من ثقات البحث في الأوزان والأعاريض: «إن نتائج هذا الاختلاف زيادة الاعتماد على القافية في اللغات الحديثة؛ ففي اللغتين اللاتينية واليونانية ينظمون بغير قافية؛ لأن الأوزان فيهما واضحة، وإنما تدعو الحاجة إلى القافية لتقرير نهاية السطر وتزويد الأذن بعلامة ثابتة للوقوف، وبغير هذه العلامة تثقل الأوزان، وتغمض ولا تستبين للسامع مواضع الانتقال والانفصام، بل لا يستبين له هل هو مستمع لكلام منظوم أو كلام منثور، وقد اختلف الطابعون عند طبع الكتب هذا الاختلاف في بعض المناظر المرسلة من كلام شكسبير، فحسبها بعضهم من المنثور وحسبها الآخرون من المنظوم، ومما يلاحظ أن اللاتين اعتمدوا على القافية حين فقدوا الانتباه إلى النسبة العددية ... وأن الصينيين يحرصون على القافية؛ لأنهم يلتزمون الأوزان، وأن انتشار القافية في أغاني الريف الإنجليزية يقترن بالترخص في أوزان الأعاريض.»

ويستطرد الأستاذ موري إلى الشعر الفرنسي فيقول: «إن اللغة الفرنسية حين رجع فيها الوزن إلى مجرد إحصاء للمقاطع، وأصبحت المقاطع بين مطولة وصامتة ... نشأت فيها من أجل ذلك حاجة ماسة إلى القافية، فصارت في شعرها ضرورة لا محيص عنها، ودعا الأمر إلى تقطيع البيت أجزاء صغيرة ليفهم معناه.»

ومن أسباب الاكتفاء بالوزن دون القافية في أشعار الغربيين سبب لم يذكره الأستاذ موري، وهو غناء الجماعة للشعر المحفوظ كما تقدم.

অজানা পৃষ্ঠা