(وَيذكر وَيُرَاد بِهِ الطَّاهِر لَا المطهر، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: ﴿وسقاهم رَبهم شرابًا طهُورا﴾، وَقَوله [ﷺ]: " إِن الصَّعِيد الطّيب طهُور "، " وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا "، عِنْد من يعْتَقد أَن التَّيَمُّم لَا يرفع الْحَدث. وَمِنْه قَول جرير:
(... عَذَاب الثنايا ريقهن طهُور ...)
فَإِن قيل: لَو كَانَ الطّهُور هُنَا بِمَعْنى الطَّاهِر لم يكن لشراب أهل الْجنَّة مزية على شراب أهل الدُّنْيَا، وَلم يكن لريق من وصفهن جرير فَضِيلَة على غَيْرهنَّ.
قيل لَهُ: لَا يلْزم ذَلِك، لِأَن شراب أهل الدُّنْيَا مِنْهُ مَا هُوَ نجس كَالْخمرِ، وَمِنْه مَا هُوَ مدنس بِمَا يلازمه من حرارة أَو برودة يحصل مِنْهُمَا للشارب مضرَّة، وشراب أهل الْجنَّة ينزه عَن هَذِه الْأَشْيَاء.
قَالَ الله تَعَالَى فِي صفة خمر الْجنَّة: ﴿لَا فِيهَا غول وَلَا هم عَنْهَا ينزفون﴾، فَلهَذَا وَصفه الله بِالطَّهَارَةِ.
والطاهر عبارَة عَن المنزه عَنَّا يستقذر، فَكَأَنَّهُ قَالَ: (كَانَ) ريقهن منزه عَمَّا يستقذر من دم يخرج من الْأَسْنَان فيختلط بِهِ، أَو من رَائِحَة قبيحة تجاوره من أثر طَعَام يبْقى بَين الْأَسْنَان، أَو مَا يعلوها من أبخرة تتصعد من الْمعدة عِنْد خلوها وَهُوَ الْمُسَمّى بالخلوف، فَبِهَذَا ثبتَتْ فَضِيلَة ريقهن على ريق غَيْرهنَّ) .
(وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: ﴿وسقاهم رَبهم شرابًا طهُورا﴾)
وَمِنْه قَوْله [ﷺ] " إِن الصَّعِيد الطّيب طهُور ".
1 / 40