[7]
ولنقدم قبل الخوض في الكلام أربعة أبحاث:
البحث الأول
في الحكم وأقسامه
والحكم: خطاب الله تعالى القديم المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير، واحترزنا بالقديم عن نصوص أدلة الحكم، فإنها حادثة وليست بحكم، وإلا لاتحد الدليل والمدلول، ويدخل في الاقتضاء اقتضاء الوجود، إما مع الجزم، وهو الوجوب، وإما عدمه، وهو الندب واقتضاء العدم، إما مع الجزم وهو الحرمة، وإما مع عدمه وهو الكراهة والتسوية بين الطرفين إباحة.
فالواجب: هو الذي يذم تاركه شرعا، ويثاب فاعله، ويسمى فرضا وحتما ولازما.
والمندوب: هو الذي يثاب فاعله ولا يذم تاركه، فإن كثرت أجوره وفعله النبي صلى الله عليه وسلم في الجماعات وواظب عليه سمي سنة، وإن قلت أجوره ولم يفعله في الجماعات سمي نافلة، وإن توسط بين القسمين سمي فضيلة.
والحرام: ما يذم فاعله ويحمد تاركه إن نوى بتركه امتثال الأمر.
والمكروه: هو الذي يحمد تاركه ولا يذم فاعله.
والمباح: هو ما لا يحمد فاعله ولا يذم تاركه، فإن نوى بفعله وجه الله تعالى كمن وطئ زوجته ليحصنها وليستدل بكمال تلك اللذة على كمال قدرة الله أثيب، وكذلك إذا أكل قصدا ليتقوى على العبادة.
وبالجملة: فكل مباح أو ترك حرام أو مكروه أريد بفعله أو تركه وجه الله تعالى فإنه يثاب عليه، وإليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم: ((نية المؤمن أبلغ من عمله)).
ثم الخطاب قسمان: خطاب تكليف، وهو الأحكام الخمسة المذكورة، وخطاب وضع، وهو خمسة أيضا: نصب الأسباب، والشروط، والموانع، والتقديرات، والحجج.
فالسبب: هو الذي يلزم من وجوده وجود الحكم ومن عدمه عدمه من حيث هو سبب وهو مناسب في نفسه، وذلك كالزوال في الصلاة والنصاب في الزكاة.
والشرط: هو الذي يلزم من عدمه عدم الحكم، ولا يلزم من وجوده شيء من
[7]
***
পৃষ্ঠা ৪