فقال صبي القهوة بحماس: أي ضرر في سرقة الأغنياء؟!
فابتسم سعيد في ارتياح كأنه يتلقى تحية في حفل تكريم، ثم قال: الجرائد لسانها أطول من حبل المشنقة، وماذا ينفعك حب الناس إذا أبغضك البوليس؟
ونهض طرزان فجأة، فاندفع نحو النافذة، وأطل منها ملتفتا يمنة ويسرة، ثم عاد وهو يقول باهتمام: خيل إلي أني رأيت وجها ينظر إلينا!
فالتمعت عينا سعيد، وردد ناظريه بين النافذة والباب، وخرج الصبي مستطلعا، على حين قال المهرب: أنت ترى دائما أشياء لا وجود لها.
فهتف به طرزان: اسكت، أنت تظن أن حبل المشنقة لهو ولعب؟!
وغادر سعيد القهوة بيد قابضة على المسدس في جيبه، ومضى في الخلاء وهو يتلفت ويتنصت في حذر وتصميم، وتضاعف إحساسه بالمطاردة والوحدة والقلق، وأدرك أنه لا يمكن أن يستهين بكتلة الأعداء المفعمة شهوة وخوفا، والتي لن يرتاح لها بال حتى تراه جثة هامدة، وعندما اقترب من البيت بشارع نجم الدين، رأى النور في نافذة نور، فداخله أول شعور بالراحة منذ غادر القهوة، ووجدها راقدة فهم بمداعبتها، ولكنه تبين في وجهها إعياء صارخا، واحمرارا في العينين لا يكون إلا لعلة، وجلس عند قدميها وهو يسأل: ما لك يا نور؟
فقالت بصوت ضعيف جدا: ميتة! تقايأت حتى مت! - الخمر؟!
اغرورقت عيناها وهي تقول: طول عمري وأنا أشرب!
وكان يرى دمعها لأول مرة، فتأثر وهو يسأل: إذن ما السبب؟ - ضربوني! - البوليس؟ - شبان، لعلهم طلبة، وأنا أطالبهم بالحساب ...
انحرف جانب فيه في رثاء وتمتم: اغسلي وجهك واشربي قليلا من الماء! - فيما بعد، أنا تعبانة جدا!
অজানা পৃষ্ঠা