كانت حياة عباس في بيته حياة سعيدة، استطاع فيها أن يجد نفسه، استطاع أن يجد كل شيء يعد لراحته ولراحته وحده. وكان سعيدا في عمله أيضا؛ فقد عين في وظيفة هندسية.
ومرت بعباس شهور هانئة، ولكن خالته أبت عليه هذه الهناءة؛ فهي تهمس في جلسة جمعتهما وحدهما: عباس، ألم تذهب بليلى إلى الدكتور؟
وجزع عباس قائلا: الدكتور! لماذا كفى الله الشر؟ - يا بني لقد مرت شهور ولم تحمل.
وتنفس عباس من أعماقه: يا خالتي، ظننت الأمر هاما.
ودقت الست حميدة صدرها وقالت: هاما! وهل هناك أهم من هذا يا ابني؟ - يا خالتي ما زالت أمامنا الأيام طويلة. - لا، لا يا عباس، إن الزوجة إن لم تحمل في الشهور الأولى فلا بد أن هناك عيبا. - يا خالتي لا تفكري في هذا الأمر.
ونظرت إليه مليا، ثم قالت: عباس، هل العيب منك؟
وضحك عباس وقال: يا خالتي نحن لم نبحث الموضوع بالمرة، وأنا أعتقد أننا يجب أن ننتظر قليلا، ما العجلة؟ - اسمع يا عباس هذا الكلام لا يعجبني، لم أر في حياتي رجلا لا يريد الأطفال إلا أنت. - يا خالتي أنبحث عن المسئولية ونحن ما زلنا في أول العمر؟ لا نريد أطفالا يا خالتي. - يا بني قل كلاما غير هذا، لا حرمكم الله منهم. - يا خالتي حالتنا المالية لا تتحمل. - الذي يأتي بهم يتولى رزقهم. - يا خالتي يجب أن يفكر الناس قبل أن يعتمدوا على الذي يأتي بهم.
وعادت خالته إلى الهمس مرة أخرى برغم أن الحجرة كانت خالية بهما. - يا بني إذا كان العيب منك فلا تخجل، كل شيء له علاج.
وضحك عباس: يا خالتي أبدا. - يا بني أنا مثل أمك، ومعي والحمد لله فلوس تكفي ما تريد وزيادة. لا تفكر في الفلوس.
وظل عباس يضحك، ثم قال حسما للنزاع: يا خالتي أنت تريدين أن أذهب بليلى إلى الدكتور، سأذهب. - متى؟ - غدا. - ولم لا يكون اليوم؟ - اليوم.
অজানা পৃষ্ঠা