١- إنه ذكر في سورة الذاريات، أن إبراهيم، ﵇، ردّ التحية عليهم حين حيَّوه فقال: ﴿فَقَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ﴾، ولم يذكر ذلك في الحجر. وإنما ذكر أنهم حيوه ولم يذكر أنه رد التحية عليهم. ولا شك أن رَدَّ التحية هو الذي يقتضيه الإكرام. فلما وصفهم بأنهم مكرمون ناسب ذلك ذكر رد التحية، فإنه من إكرامهم.
إنه ردّ التحية عليهم بخيرٍ من تحيتهم، فإنهم حيّوه بالنصب ﴿سَلاَمًا﴾ وحياهم بالرفع ﴿سَلاَمٌ﴾ . فهم حيّوه بالجملة الفعلية الدالة على الحدوث والتجدد، أي: نُسلّمُ سلامًا، وهو قد حياهم بالجملة الاسمية الدالة على الثبوت. والاسم أقوى وأثبت من الفعل، كما هو معلوم في اللغة، وكما مَرَّ توضيحه في سورة الفاتحة، وذلك نحو يطّلع ومطّلع، ويتعلّم ومتعلِّم.
فهو حياهم بالسلام الشامل الثابت الدائم فيكون قد حياهم بخيرٍ من تحيتهم.
جاء في (التفسير الكبير): "إن إبراهيم، ﵇، أراد أن يرد عليهم بالأحسن فأتى بالجملة الاسمية، فإنها أدل على الدوام والاستمرار".
وجاء في (معاني القرآن) للفراء: "وأما قوله تعالى: ﴿فاتباع بالمعروف وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨] فإنه رفع وهو بمنزلة الأمر في الظاهر كما تقول: (من لقي العدو فصبرًا واحتسابًا)، فهذا نصبه ورفعه جائز. وإنما كان الرفع وجه الكلام، لأنه عامة فيمن فعل، ويراد بها من لم يفعل، فكأنه قال: فالأمر