মুসলিমরা কেন পিছিয়ে পড়ল? এবং অন্যরা কেন এগিয়ে গেল?
لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟
জনগুলি
قال: على فرض وجد المال فإن دون إنشاء الخط موانع طبيعية يتعذر التغلب عليها؛ فإن السكة يلزم لها ماء في كل محطة، والماء لا يوجد إلا في محطات معدودة، وإن أنشأنا صهاريج تملأ بماء المطر لم يؤمن أن الحرارة في الصيف تنشف بشدتها مياه الصهاريج، وهناك صعوبة أخرى وهي أن الخط سيمتد في أمكنة كلها رمال، وقد تهب الرياح السافياء فتأتي برمال تغطي الخط، ولا يمكن منع ذلك إلا بزرع الحلفاء والقصب والطرفاء، وكل هذا يلزمه ماء حتى ينمو؛ وأين الماء من تلك الأراضي؟! هذا كان كلام المهندس الكبير لي من جهة الطبيعة، ثم ذكر الخطر الواقع على الخط من أعراب البادية.
فأما أنا فكنت معتقدا خلاف اعتقاد الآخرين قائلا بأن ليس ثمة صعوبات لا يستطاع تذليلها، وكنت من الذين ينددون بالمتشائمين والمتهكمين، ونظمت في هذا المشروع قصيدة أحث بها الأمة على التبرع لأجله، وتبرعت أنا من جيبي بخمسة عشر جنيها، وذكرت ما سيكون لهذا الخط من الفوائد العمرانية والاقتصادية والعسكرية؛ فضلا عن تسهيل الحج الذي هو هدفه الأسمى، وكان مطلع قصيدتي:
ألا يا بني الإسلام هل من مساعد
لفعل سماوي المثوبة ماجد
فلما طبعت القصيدة ونشرتها سلقني الكثيرون من أولئك الغربان بألسنة حداد؛ وكأني كفرت في تنويهي بمشروع يربط الشام بالحجاز ويختصر المسافة بينهما على الحجاج من 40 يوما إلى أربعة أيام وهزءوا ما شاءوا، وتمنطقوا بقدر ما أرادوا، ولكن كل تلك الفلسفة لم تجدهم فتيلا ونجز الخط الحديدي من دمشق إلى المدينة المنورة؛ وهي مسافة ألف وأربع مئة كيلو مترا، ولولا خلع السلطان عبد الحميد لكان قد تم إلى البلد الحرام، ولكن من بعده فترت الهمة بإكماله، وجاءت الحرب وعواقبها فقضت بإهماله.
ثم إن هذا الخط جاء من أبدع الخطوط الحديدية في العالم، صادفت مرة فيه أحد كبراء مسلمي الهند من أعضاء مجلسها الأعلى وهو ممن تثقفوا ثقافة إنكليزية محضة وتخرج من جامعة أكسفورد فقال لي: لا يوجد في نفس إنكلترة سكة حديدية تضاهي في الإتقان هذه السكة، ولو لم أشاهدها بعيوني ما صدقت بوجودها. وبالفعل لم يصدق كثير من المسلمين أخبارها فأرسلوا وفودا يشاهدونها بأعينهم، فكان المسافر يصل من دمشق إلى المدينة في ليلتين، وكانت دمشق تستفيد كل سنة من هذا الخط ما يقارب 200 ألف جنيه، وعمرت القرى التي مر بها الخط، وارتفعت أثمان الأراضي ارتفاعا مدهشا، وتضاعف عمران المدينة المنورة أضعافا، هذا فضلا عما توفر من المشاق والأخطار على الحجاج والزائرين، والتجار والمسافرين.
وأما الصعوبات الطبيعية التي كانوا يقدرونها فلم يصح منها شيء، وأما الأعراب فلم يقع منهم على الخط أدنى اعتداء، وكان عند كل محطة من محاط الخط قلعة فيها جند للمحافظة، وكل تلك المحطات والقلاع كانت مبنية أمتن بناء، ولما كان لا يتاح لغير المسلمين دخول أرض الحجاز فكان إنشاء الخط؛ أي القسم الداخل منه في الحجاز كله على أيدي مهندسين مسلمين، حتى إن مايستر باشا الألماني نفسه لم يتجاوز في إشرافه بلدة تبوك.
ولما ذهبت إلى المدينة المنورة زائرا للنبي
صلى الله عليه وسلم
وذلك سنة 1330ه، كنت أسمع أن عدم مد الخط الحديدي من المدينة إلى مكة نشأ عن اعتراض قبائل العرب من حرب وغيرها، وأنهم لا يسمحون بمرور الخط في أراضيهم، ففحصت هذه القضية فوجدت أكثرها هراء وافتراء، وسألت شيوخ القبائل عما يقال من معارضتهم في إنشاء السكة؛ فقالوا: لو كنا معارضين لإنشائها لعارضنا ذلك من أول دخولها في أرض الحجاز، والحال أننا كنا مساعدين للحكومة على هذا المشروع بكل قوانا، فسألتهم التوقيع على عريضة للدولة يطلبون فيها تمديد هذا الخط من المدينة إلى مكة فوقع عليها جم من أولئك المشايخ، ولم تكن الدولة عهدت إلي بهذه المهمة، وإنما قمت بها خدمة للوطن وللملة.
অজানা পৃষ্ঠা