মুসলিমরা কেন পিছিয়ে পড়ল? এবং অন্যরা কেন এগিয়ে গেল?
لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟
জনগুলি
وهذه الدعوى كادت تكون أشبه بدعوى أعداء الإسلام الذين يزعمون أن الشرق كان رائعا في بحابح العمران، فجاء الإسلام وطمس المدنيات الشرقية القديمة! لولا أن الحقيقة هي كما قدمنا أن المدنيات الشرقية كانت كلها قد انقرضت أو انحطت قبل ظهور الإسلام بكثير، وأن الإسلام وحده لا غيره هو الذي جدد مدنية الشرق الدارسة، واستأنف صولته الذاهبة الطامسة، وبعث تلك الحواضر العظمى الزاخرة بالبشر كبغداد والبصرة وسمرقند وبخارى ودمشق والقاهرة والقيروان وقرطبة وهلم جرا، فإن كانت قد بقيت للشرق آثار مدنيات قديمة فإن الإسلام هو الذي وطد بوانيها، وطرز حواشيها، وحمل السيف بيد والقلم بيد إلى أبعد ما تصوره العقل من حدود الأقطار التي لم يسبق لشرقي أن يطأها بقدمه.
فإذا كان الإفرنج الصليبيون من الغرب، وكان المغول أولئك الجراد المنتشر من الشرق، قد دمروا ما بنى الإسلام في تلك الممالك، ونسفوا عمران هاتيك الحواضر، وكانت منافسات ملوك الإسلام الداخلية للشهوات، وإمعانهم في الضلالات، ومحيدهم عن جادة القرآن القويمة، وفقدهم ما يزرعه في الصدور من الأخلاق العظيمة، وقد قضت في الداخل، على ما عجز عن تعفيته العدو من الخارج، فليس الذي في هذا التقلص ذنب الإسلام، ولا التبعة في هذا الانقلاب عائدة على القرآن، وإنما الذنب هو ذنب الهمج من الإفرنج، وجناية ذلك الجراد الزحاف من المغول، وإنما هي تبعة المسلمين الذين رغبوا عن أوامر كتابهم واشتروا بآياته ثمنا قليلا، إلا النادر منهم.
وأيضا فقد تنصرت الأمم الأوروبية في القرن الثالث والرابع والخامس والسادس من ميلاد المسيح، وبقيت أمم في شرقي أوروبة إلى القرن العاشر حتى تنصرت، ولم تنهض أوروبة نهضتها الحالية التي مكنتها تدريجا من هذه السيادة العظمة بقوة العلم والفن إلا من نحو أربع مئة سنة أي من بعد أن دانت بالإنجيل بألف سنة، ومنها بعد أن دانت به بسبعماية سنة، ومنها بثمان مئة سنة، ... إلخ.
وهذه هي القرون المسماة في التاريخ بالقرون الوسطى، ولا نقول: إن الأوروبيين كانوا في هذه القرون بأجمعهم هائمين في ظلمات بعضهم فوق بعض، بل نقول: إن العرب كانوا أعلى كعبا منهم بكثير في المدنية بإقرار مؤرخيهم، وبرغم أنف لويس برتران وأضرابه.
ومن الكتب المخرجة حديثا الشاهدة بذلك: التاريخ العام للكاتب الفيلسوف الإنكليزي «ولز» و«تاريخ مدنيات الشرق» لمؤلف إفرنسي متخصص في التواريخ الشرقية اسمه «غروسه» فالحقيقة التاريخية المجمع عليها هي واحدة في هذا الموضوع، لم يظهر ما ينقضها ولن يظهر؛ وهي: إن العرب في القرون الوسطى كانوا أساتيذ الأوروبيين، وكان الواحد من هؤلاء إذا تخرج على العرب تباهى بذلك بين قومه.
سبب تأخر أوروبا الماضي ونهضتها الحاضرة
أفنجعل هذا التأخر الذي كان عليه الأوروبيون في القرون الوسطى مدة ألف سنة ناشئا عن النصرانية التي كانت دينهم الذي يعضون عليه بالنواجذ؟!
نعم؛ إن الأمم البروتستانتية منهم تجعل مصدر هذا التأخر الكنيسة البابوية لا النصرانية من حيث هي، وتزعم أن نهضة أوروبة لم تبدأ إلا بخروج (لوثير، وكلفين) على الكنيسة الرومانية.
وأما فولتير ومن في حزبه من أقطاب الملاحدة فلا يفرقون كثيرا بين الكاثوليك والبروتستانت، وعندهم أن جميع هذه العقائد واحدة، وأنها عائقة عن العمل والرقي، ولهذا قال فولتير تلك الكلمة عندما ذكر لديه لوثير، وكلفين، قال: «كلاهما لا يصلح أن يكون حذاء لمحمد
3 » يرى أن محمدا
অজানা পৃষ্ঠা