মুসলিমরা কেন পিছিয়ে পড়ল? এবং অন্যরা কেন এগিয়ে গেল?
لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟
জনগুলি
ومن أعظم أسباب تأخر المسلمين العلم الناقص، الذي هو أشد خطرا من الجهل البسيط؛ لأن الجاهل إذا قيض الله له مرشدا عالما أطاعه ولم يتفلسف عليه، فأما صحاب العلم الناقص فهو لا يدري ولا يقتنع بأنه لا يدري، وكما قيل: ابتلاؤكم بمجنون خير من ابتلائكم بنصف مجنون، أقول: ابتلاؤكم بجاهل خير من ابتلائكم بشبه عالم.
ومن أعظم أسباب تأخر المسلمين فساد الأخلاق؛ بفقد الفضائل التي حث عليها القرآن، والعزائم التي حمل عليها سلف هذه الأمة وبها أدركوا ما أدركوه من الفلاح، والأخلاق في تكوين الأمم فوق المعارف، ولله در شوقي إذ قال:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ومن أكبر عوامل تقهقر المسلمين فساد أخلاق أمرائهم بنوع خاص، وظن هؤلاء - إلا من رحم ربك - أن الأمة خلقت لهم أن يفعلوا بها ما يشاءون، وقد رسخ فيهم هذا الفكر حتى إذا حاول محاول أن يقيمهم على الجادة بطشوا به؛ عبرة لغيره.
وجاء العلماء المتزلفون لأولئك الأمراء، المتقلبون في نعمائهم، الضاربون بالملاعق في حلوائهم، وأفتوا لهم بجواز قتل ذلك الناصح بحجة أنه شق عصا الطاعة، وخرج عن الجماعة.
ولقد عهد الإسلام إلى العلماء بتقويم أود الأمراء، وكان قديما في الدول الإسلامية الفاضلة بمثابة المجالس النيابية في هذا العصر، يسيطرون على الأمة، ويسددون خطوات الملك، ويرفعون أصواتهم عند طغيان الدولة، ويهيبون بالخليفة فمن بعده إلى الصواب.
وهكذا كانت تستقيم الأمور؛ لأن أكثر أولئك العلماء كانوا متحققين بالزهد، متحلين بالورع، متخلين عن حظوظ الدنيا، لا يهمهم أغضب الملك الظالم الجبار أم رضي، فكان الخلائف والملوك يرهبونهم، ويخشون مخالفتهم؛ لما يعلمون من انقياد العامة لهم، واعتقاد الأمة إمامتهم، إلا أنه بمرور الأيام خلف من بعد هؤلاء خلف اتخذوا العلم مهنة للعيش، وجعلوا الدين مصيدة للدنيا، فسوغوا للفاسقين من الأمراء أشنع موبقاتهم، وأباحوا لهم باسم الدين خرق حدود الدين، هذا؛ والعامة المساكين مخدوعون بعظمة عمائم هؤلاء العلماء، وعلو مناصبهم، يظنون فتياهم صحيحة، وآراءهم موافقة للشريعة، والفساد بذلك يعظم، ومصالح الأمة تذهب، والإسلام يتقهقر، والعدو يعلو ويتنمر، وكل هذا إثمه في رقاب هؤلاء العلماء.
1
ومن أعظم عوامل تقهقر المسلمين الجبن والهلع، بعد أن كانوا أشهر الأمم في الشجاعة واحتقار الموت، يقوم واحدهم للعشرة وربما للمئة من غيرهم، فالآن أصبحوا - إلا بعض قبائل منهم - يهابون الموت الذي لا يجتمع خوفه مع الإسلام في قلب واحد، ومن الغريب أن الإفرنج المعتدين لا يهابون الموت في اعتدائهم، هيبة المسلمين إياه في دفاعهم، وأن المسلمين يرون الغايات البعيدة التي يبلغها الإفرنج في استحقار الحياة والتهافت على الهلكة في سبيل قوميتهم ووطنهم، ولا تأخذهم من ذلك الغيرة، ولا يقولون: نحن أولى من هؤلاء باستحقار الحياة؛ وقد قال الله تعالى:
অজানা পৃষ্ঠা