134

دروس الحرم المدني للعثيمين

دروس الحرم المدني للعثيمين

জনগুলি

حكم زيارة قبر النبي ﷺ للنساء السؤال ما حكم زيارة قبر الرسول ﷺ للنساء؟ الجواب يرى بعض العلماء أن زيارة النساء لقبر النبي ﷺ جائزة، ويقول: إنها ليست زيارة في الواقع؛ لأن بين المرأة إذا وقفت وبين الرسول ﷺ حواجز، جدران متعددة، فهي في الواقع لم تزره وإن سمت ذلك زيارة، ولهذا أباحوا أن تزور المرأة قبر النبي ﷺ. ويقول بعض العلماء: إنها لا تزور قبر النبي؛ لأن النبي ﷺ لعن زائرات القبور، وهذه زيارة عرفًا، وإن لم تكن زيارة في الحقيقة فهي عرفًا زيارة، ثم إنا نقول: الأمر فيه شبهة، وما دام فيه شبهة فإن النبي ﷺ يقول: (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) . ثم نقول للمرأة: أبشري! أنت إذا سلمتِ على الرسول ﷺ ولو في أقصى المسجد، ولو في أقصى مكانٍ في الأرض فإن تسليمك عليه يبلغه، ولا حاجة أن تقفي على القبر، ونقول أيضًا: كل مؤمن يسلم على الرسول ﵊ في كل يوم تسع مرات فرضًا فلا حاجة إلى أن تتكلف المرأة حتى تقف على قبر النبي ﷺ مع الشبهة. وهل يقول المسلم إذا سلم على الرسول: السلام عليك أيها النبي! أو: السلام على النبي؟! جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: [كنا نقول في عهد النبي ﷺ: السلام عليك أيها النبي! وبعد موته نقول: السلام على النبي!] لكن هذا اجتهادٌ من عبد الله بن مسعود ﵁، وليس كل مجتهدٍ مصيبًا، والدليل على هذا: أن النبي ﷺ علم أمته، قال: (قولوا: السلام عليك أيها النبي!) إلى يوم القيامة، ولم يقل: قولوا ذلك ما دمت حيًا، ثم إن الصحابة في عهد الرسول ﵊ إذا قالوا: السلام عليك، هل يريدون أن يسمع الرسول ويكون خطابًا مباشرًا؟ الجواب: لا. لأنهم يعلمون أن الذي في طرف الصف لا يسمعه الرسول، والذين في مكة وفي غيرها من البلاد لا يسمعه الرسول حتى في حياته، إذًا: ليس خطابًا مباشرًا، لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: إنه جاء بصورة الخطاب لقوة استحضار المرء في السلام على الرسول ﵊، كأنه أمامه يقول: السلام عليك، وصح عن عمر في موطأ مالك أنه قال على المنبر وهو يتلو التشهد: [السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله] ولا شك أن عمر أعلم من عبد الله بن مسعود ﵁ ولا سيما وأنه أعلنه على الملأ ولم يقل أحدٌ من الناس إنه ليس كذلك، وعلى هذا فيكون قول ابن مسعود ﵁ رأيًا رآه ولكنه ليس مصيبًا في ذلك، لأن المجتهد يخطئ ويصيب. وابن مسعود ﵁ مع علمه وفقهه ليس معصومًا، ولا أحد يتكلم بالشريعة معصوم من الخطأ أبدًا إلا الرسول ﵊. ابن مسعود ﵁ جاءه رجل استفتى أبا موسى الأشعري ﵁ في مسألة فرضية: في رجل توفي عن بنت، وبنت ابن، وأخت شقيقة؟ أبو موسى الأشعري قال: للبنت النصف وما بقي فللأخت، لكنه ﵁ قال: وأتِ ابن مسعود فسيوافقني على ذلك، فذهب الرجل إلى ابن مسعود وقال له: إنه استفتى أبا موسى الأشعري في هذه المسألة وقال: للبنت النصف وما بقي فللأخت، وأت ابن مسعود فسيوافقني على ذلك، فقال عبد الله بن مسعود: [لقد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين -يعني: لو وافقته لكنت ضالًا وما أنا من المهتدين- لأقضين فيها بقضاء رسول الله ﷺ: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت] أبو موسى قاله عن اجتهاد، وفق للصواب أو لا؟ لم يوفق، وفضل الله يؤتيه من يشاء، ابن مسعود ﵁ وفق للصواب مستدلًا بقضاء رسول الله ﷺ، فلا يعني أن ابن مسعود ﵁ إذا أخطأ في مسألة فإن كل قضاياه خطأ، أبدًا ابن مسعود من أفقه الصحابة وأكثرهم فتوى ﵁.

5 / 11