موقف الرسول ﷺ وأبي بكر في الغار وفي غزوة بدر
وأما في داخل الغار فـ أبو بكر يقول للرسول ﵊: (والله يا رسول الله لو نظر أحدهم أسفل نعليه لأبصرنا؛ فقال ﵊ بكل طمأنينة: يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما).
ويسجل القرآن الكريم ذلك فيقول: ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة:٤٠].
قد يقول قائل: لو اقتحموا عليهم الغار من أين سيكون المفر؟ يقول بعض الرواة -وبعضهم ينكرون هذه الروايات-: إن الله فتح لرسوله فتحة من الجبل إلى البحر وأراه سفينة واقفة، وكأن الله يقول: لا تخف فنصري معك وتأييدي بين يديك.
ولنعقد مقارنة بين موقف النبي ﵊، وموقف أبي بكر هنا في الغار، وبين موقف النبي ﵊ وموقف أبي بكر في بدر: ففي بدر كان النبي ﵊ خائفًا قلقًا، حتى عندما دخل العريش قام يناشد ربه ويدعوه ويقول: (اللهم نصرك الذي وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض بعد) وأبو بكر هادئ مطمئن ساكن، يهدئ من روع النبي ﵊ ويقول: (حنانيك يا رسول الله، والله إن الله لمنجز لك وعدك).
أما في الغار فكان العكس: فالنبي ﵊ هادئ ساكن وأبو بكر قلق مضطرب يقول: (يا رسول الله! لو نظر أحدهم إلى قدميه لرآنا)، والنبي ﵊ يقول: (أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما).
الشدة هي الشدة، لكن لماذا تغير أسلوب التعامل هنا عن هناك؟ أما سبب اطمئنان الرسول ﵊ في الغار رغم أنهما اثنان فقط، فلأن الله قد وعده بالنصر، أما في بدر فلأنه أصلًا لم يخرج للقتال إنما خرج يريد العير فجاء النفير، ولم يكن موعودًا بالنصر، وكان خوفه على أصحابه ولم يكن على نفسه.
نسأل الله السلامة وجزاه الله عنا خيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
5 / 11