Lessons by Sheikh Yasser Burhami
دروس للشيخ ياسر برهامي
জনগুলি
ثمرة الإيمان بأن السعادة والشقاوة مكتوبتان
وإذا آمن الإنسان بأن الشقاوة والسعادة مكتوبتان فسيؤمن كذلك بأن الألم والتلذذ مكتوبان، وعندها فلن يخاف من ألم يصيبه أو لذة تفوته ما لم يكتب الله ﷿ له ذلك، وهذا يدفعه إلى أن يستغني بالله عن الخلق، وإذا علمت أن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، فلن تغتر، ولن تأمن سوء الخاتمة، بل ولن تظن أن عملك سيفيدك، كما يقول بعض الجهلة: إنك ستدخل الجنة حتمًا، فلا ينبغي لك أن تقول ذلك عن نفسك؛ لأنك تخاف على نفسك سوء الخاتمة؛ فأنت لا تأمن مكر الله، فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، وإذا كان الصديق يقول: لا آمن مكر الله ولو كانت إحدى قدمي في الجنة، فأنت أولى بذلك، ولذلك قال الطحاوي ﵀: والأمن والإياس ينقلان عن ملة الإسلام، أي: الأمن من مكر الله، واليأس من رحمة الله، ففي هذا الجانب تسأل الله حسن الخاتمة، وتسأل الله أن يتوفاك على عمل صالح، وتسأل الله كما قال النبي ﵊: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك).
وأما في الجانب الآخر: فإذا وجدت من يعمل المعاصي ومن يعمل بعمل أهل النار، وعلمت أن من هؤلاء من يكتب الله له النجاة في آخر لحظة فلن تجعل الناس ييئسون من رحمة الله، ولن تنزلهم جنة أو نار، فلست أنت الذي تقول: والله لا يغفر الله لك، ولست ممن يضع نفسه في موضع أرفع منه، وليس لك رفع نفسك فوق مرتبة العبودية، مع أنه كان يعمل الصالحات بخلاف أخيه الغارق في السيئات، فقد قال له مرة: (اتركني وربي، أبعثت علي رقيبًا؟ فقال ذلك الرجل الذي كان يعمل الصالحات: والله لا يغفر الله لك، فقال الله ﷿: من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان، قد غفرت له وأحبطت عملك) والعياذ بالله؛ لأن الكبر في الإنسان مذموم، فالإنسان لا يتكبر بالعمل الصالح؟ فقد يغفر له في لحظة أنت لا تعرفها، فقد ذكر أن رجلًا قتل مائة نفس فكتب الله له الهداية قبل أن يموت ومن غير أن يعمل عملًا صالحًا، ولذلك ينبغي لك ألا تلزم الناس بجنة أو نار، وألا تضع نفسك في موضع المحاسب والحاكم على البشر، وألا تقول: إن هذا الذي ظلمني لابد أن الله سينتقم منه، بل ليس لازمًا أن ينتقم منه، بل من الممكن أن يرزقه الله التوبة، قال ﷿: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾ [البروج:١٠]، قال الحسن: انظروا إلى هذا الكرم! قتلوا أولياءه ثم هو يدعوهم إلى التوبة؛ لأن الله قال: «ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا» أي: أنهم لو تابوا لما عذبهم، سبحان الله! قال النبي ﷺ: (يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل فيستشهد، ثم يتوب الله على القاتل فيقاتل في سبيل الله فيقتل ويستشهد، فيدخلان الجنة معًا)، إذًا: فنحن ليس لنا من الأمر شيء، فلا ينبغي أن تقول للناس: أنت تدخل النار أو أنت تدخل الجنة، فأنت توقن بما أخبر الله به ورسوله ﷺ في الكتاب والسنة عن أهل الجنة وأهل النار، ولكن أين أنت من ذلك؟ فإذا كنت ترجو وتخاف فلا تيئس الناس من رحمة الله، ولا تتكبر عليهم، فإنك لا تعرف ماذا يختم الله لهم به من أجل عمل عملوه ربما يكون صغيرًا في نظرك، ويكون عند الله مقبولًا كبيرًا، فرب عمل بسيط يغفر الله به ذنوبًا كثيرة، فإن الله شكور ﷾.
8 / 23