عاقبة الظالمين المكذبين للرسل
قال ﷿: «فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ»، قسم من الله ﷿ مؤكد بلام التوكيد ونون التوكيد الثقيلة، وهي تدل على وجوب تحقق ما أقسم الله ﷿ عليه، وأنه سوف يهلك الظالمين ولا بد.
قال تعالى: «وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ»، هذا وعد من الله بأنه سيورث الأرض لعباده المؤمنين كما قال ﷿: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ * وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء:١٠٥ - ١٠٧]، وقال ﷾: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الصافات:١٧١ - ١٧٣].
ولكن لمن يكون ذلك؟ وماذا يراد منا؟ قال: «ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي»، لابد أن نخاف الله ﷿ وحده، وخوف مقام الله ﷾ فسر بمعنيين: الأول: خوف مقام الرب على عبده بالاطلاع عليه، ثم بالحساب له يوم القيامة، فالله ﷾ قائم على كل نفس بما كسبت، ويحاسبهم على ذلك، فإذا خاف العبد مقام الله ﷿ عليه بالاطلاع والمراقبة والمحاسبة اتقاه وعمل بطاعته.
الثاني أن يخاف العبد مقامه بين يدي ربه يوم القيامة.
والتفسيران متلازمان، فإن الاطلاع والمراقبة يقتضي المحاسبة، فالعبد موقوف بين يدي الله ﷿، وهذا هو الذي ينبغي أن نخاف منه، ولا يجوز أن نخاف غيره قال تعالى: «ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ»، وكلا الخوفين واجب: خوف مقام الله ورهبته، وخوف وعيده وعقابه وعذابه، ولسنا كما يقول الزنادقة: اللهم إن كنت أعبدك خوفًا من النار فأدخلني فيها.
بل نخاف وعيد الله، ونعمل للقاء الله ﷾، نسأل الله أن يرزقنا الخوف منه وحده لا شريك له.
24 / 18