نعمة الهداية
حتى هدايتك جعلها الله ﵎ ميسورة، ولم يتركنا الله ﵎ سُدى لا نؤمر ولا نُنهى، بل بعث إلينا رسولًا من أنفسنا ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ﴾ [إبراهيم:٤] فمن رحمة الله ﵎ أن بعث في كل أمة رسولًا بلسان قومه ليبين لهم، وليعلمهم كيف يهتدون إلى طريق الله، وكيف ينعمون بالحياة المطمئنة الطيبة في الدنيا، ثم يلقون الله ﵎ فيدخلون دار كرامته حيث النعيم المقيم الأبدي.
فجعل الهداية -أيضًا- ميسورة لكل إنسان بما بعث الله به هؤلاء الرسل الكرام، وأفضلهم وخاتمهم محمد ﷺ، فمنَّ الله ﵎ علينا بهذا الدين وبهذا الإيمان، ويسر لنا القرآن ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر:١٧].
يسر لنا هذا القرآن، فإذا قرأناه أو سمعناه نجد هذه الرقة والعذوبة والمتعة العجيبة للقاريء والسامع، هذا القرآن يسره الله ﷾ وامتنَّ علينا بتعليمه ﴿الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الإنسان عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ [الرحمن:١ - ٤].
وأعظم نعمة هي تعليم القرآن، وبغير هذا القرآن، وبغير هذا الهدى يكون الإنسان كالحيوان.
والحيوان كذلك مهَّد الله له العيش، ويسره له، ورزقه ﷾، وهو رب كل دابة، وهو الذي يهيئ لها رزقها وإن كانت في ظلمات الأرض وأينما كانت، لكن الإنسان ما الذي يفرق بينه وبين هذا الحيوان؟ إنه هذا القرآن، وهذا الهدى، وهذه الرسالة.
ومع ذلك فكيف يكون حال العبد وكيف تكون مقابلة هذه النعمة؟ نحن في صلاتنا نقول: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة:٥] هو ﷿ أمرني أن أصلي في اليوم خمس صلوات، وأن أستيقظ لصلاة الفجر ثم أؤدي بقية الفرائض، فهل لي منة، هل لي فضل إذا أديَّت هذه العبادة التي أوجبها الله ﵎؟!
4 / 5