التوحيد والفرقة
السؤال
هناك شبهة تقول إن الدعوة إلى التوحيد ونبذ البدع يؤدي إلى تشتيت الأمة وفرقتها رغم أنها بحاجة إلى الاتحاد والتعاون؟ فما رأيكم في ذلك؟
الجواب
الحقيقة أن الأمة الإسلامية اليوم مفرقة، لا يماري في ذلك أحد، فلا تكاد تجد رجلين على قلب واحد، فهي أمة مفرقة ممزقة، والذي يدعوها إلى الكتاب والسنة لا يفرقها -وهي في الواقع مفرقةٌ أصلًا- وإنما يدعوها إلى ما أمر الله سبحانه به حين قال: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران:١٠٣] فلم يقل واتحدوا، ولم يقل ولا تفرقوا -فقط- بل قال: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران:١٠٣] أي تمسكوا بصراطه المستقيم ولا تفرقوا عنه، فليس الأمر مجرد اجتماع، فهل يرضى أي مسلم أن تجتمع الأمة على الشرك والبدع؟! إذًا: فلا بد أن نجتمع على الكتاب والسنة، وهل هذه الدعوة مسموعة مقبولة؟ لو دعوت الناس أنت للاجتماع على الكتاب والسنة، أو إذا دعوت أمة الإسلام إلى الاجتماع على الكتاب والسنة، هل دعوتك مسموعة؟ في الواقع لا، وإنما سيتبعك ويسمع منك ويتعاون معك البعض، وبعض منهم لن يقبل ذلك، لماذا؟ لأن النبي ﷺ أخبر أنها ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقه، فأنت تطلب المحال إذا أردت أن تجعلها فرقة واحدة حقيقةً وواقعًا، لأنها ثلاث وسبعون، لكن أن تطمع في ذلك وترجوه بأن تدعوها إليه فنعم، فنحن أمرنا أن ندعو اليهود والنصارى إلى التوحيد مع علمنا بأن منهم من سيبقى على كفره ويموت عليه، فذلك مطلوب منا شرعًا، وإن كان لم يتحقق واقعًا، لكن المقصود هنا من العبرة أنه مادام أن ذلك غير متحقق واقعًا فلا نخرج عن الشرع بل ندعو إلى ما أمر الله تعالى أن ندعو إليه شرعًا.
6 / 35