حال الصديقة بنت الصديق بعد الشائعة
وهاهي الصديقة الطاهرة المطهرة المبرأة من السماء ﵂ ترمى في فراشها وعرضها ترمى في شرفها بسبب غياب مبدأ التبين والتثبت.
نعم يا عباد الله! ترمى في أمانتها وهي التي تربت في العش الطاهر النقي النظيف، وهي الزهرة التي تفتحت في بستان الوحي، وفي حقل القرآن، وعلى يدي رسول الله ﷺ.
وهاهو الصديق ﵁ الرجل النقي النقي القلب والمشاعر يُرمى في شرفه، وعرضه، وابنته وزوج نبيه وخليله الذي أحبه من كل قلبه، وأحبه النبي من كل قلبه، نعم يُرمى الصديق ﵁، في أغلى ما يعتز به أي عربي فضلًا عن أي مسلم، ويقول الصديق قولته المشهورة، بمنتهى الحسرة والألم والمرارة، يقول: [والله ما رمينا بهذا في الجاهلية أفنرضى به في الإسلام!].
يُرمى في شرفه وها هو الصحابي الجليل الطاهر النظيف المجاهد الثقة صفوان بن المعطل السلمي ﵁ يرمى في خيانة نبيه وزوجه التي أحبها من كل قلبه، والله يوم أن يرمى صفوان في ذلك يرمى في دينه كله، وإسلامه كله.
بسبب ضياع هذا المبدأ ماجت المدينة بهذا الخبر الأليم، إنه التثبت والتبين يا عباد الله.
شهرًا كاملًا تموج المدينة بهذه المقولة الآثمة، والرسول ﷺ يتألم آلامًا تنوء بحملها الجبال الراسيات، بأبي هو وأمي ﷺ، يتألم النبي حتى إنه ببشريته وبإنسانيته يرسل إلى أسامة حبّ رسول الله وإلى علي ليسألهما عن عائشة ﵂، إنها بشرية وإنسانية النبي ﷺ، ولحكمةٍ يعلمها العليم الخبير، يمضي شهرٌ كامل لا تنزل آيةٌ واحدةٌ في هذا الأمر على رسول الله ﷺ، شهرٌ كاملٌ يا عباد الله! والرسول ﷺ يتألم وعائشة التي عرفت بالخبر مطحنها الألم ودغدغها البكاء بل وفلق البكاء كبدها، تتألم وهي تسأل أمها ببراءة الفتاة التقية النظيفة النقية، أو علمَ رسول الله بذلك؟ فتقول: بلى، أوعلم أبي ذلك؟ فتقول: بلى، أو تحدث الناس بذلك؟ فتقول أمها: بلى، وتنام عائشة ﵂ يدغدغها المرض ويطحنها الألم ويعصرها الخبر الأليم، والفرية الخطيرة.
4 / 6