271

Lessons by Sheikh Muhammad Hassan Abd Al-Ghaffar

دروس الشيخ محمد حسن عبد الغفار

জনগুলি

حكم شركات المساهمة المعاصرة
أما النوع الأول: وهي الشركات التي تعمل في الحلال المحض فهي حلال لا غبار عليها.
وأما النوع الثاني: وهي الشركات التي تعمل في الحرام كبيع الميتة والخمور والخنزير، فهي حرام محض قولًا واحدًا.
وأما النوع الثالث: وهي محل الخلاف، وهي الشركات التي اختلط فيها الحلال بالحرام كشركات تعمل في تجارة الأخشاب مثلًا وتؤسس بنكًا من البنوك الربوية، وذلك ليسهل لهم الضمان البنكي والسندات والتسهيلات.
وقد اختلف العلماء في حكم هذه الشركات على ثلاثة أقوال: القول الأول: المنع مطلقًا.
القول الثاني: الجواز مطلقًا.
القول الثالث: التفصيل.
فأما أصحاب القول الأول القائلون بالمنع مطلقًا، فاستدلوا بالآتي: أولًا: أن هذه الشركات وإن كان أصلها حلالًا وتعمل في الحلال إلا أنها فتحت بنكًا من البنوك الربوية، فتعاملت بالربا بغض النظر عن المعيار أو النسبة؛ لأن التعامل بالربا حرام محض، وفيه حرب من الله ﷿، وقد أتت الأدلة الواضحة الظاهرة على حرمة ذلك، قال الله تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ [البقرة:٢٧٦].
ثانيا: من الأثر: قول النبي ﷺ: (لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه).
فإن قيل: إن مقدار الربح الذي فيه ربا سوف يتصدق به تطهيرًا لهذا المال.
فالجواب على ذلك: أنكم بهذا أعنتم الذي يتعامل معكم على أكل الربا، ودخلتم تحت عموم من لعنهم النبي ﷺ في الربا، فإن الأدلة كثيرة على لعن آكل الربا، وموكله، والذي يتعامل بالحرام.
ثالثًا من النظر: إن هناك قاعدة فقهية ذكرها الزركشي وغيره من علماء الأصول وهي: أن الحرام إذا اختلط بالحلال غُلب الحرام حيطة وورعًا للدين، قال ﷺ: (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)، وقال أيضًا: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، وتغليب الحاظر على المبيح قاعدة عند أهل الحديث.
ثم إن هذه الشركات وإن كانت فيها مصلحة وهي انتعاش الاقتصاد إلا أن مفسدتها أعظم وهي أكل الربا، وهذه المفسدة محققة الوقوع ومقطوع بها، وأما المصلحة فهي مظنونة وليست محققة الوقوع، وإذا تعارض المقطوع به مع المظنون قدم المقطوع، ولذلك يحرم الاشتراك في هذه الشركات.
وأما أصحاب القول الثاني القائلون بالجواز مطلقًا فاستدلوا بما يأتي: أولًا قاعدة: يغتفر في التابع ما لا يغتفر في الأصل، فأصل الشركة حلال، وأصل التعامل حلال، فهم أصلًا يتاجرون في الأخشاب والسيارات، وهذه جاءت بجانبها، فيغتفر في التابع ما لا يغتفر في الأصل، كمن يشتري الجاكت أو الرداء وفيه حشو ولا يعلم مقدار هذا الحشو، فهذه جهالة لكنها تغتفر لأنها تابعة للأصل وهو الجاكت أو الرداء.
مثال آخر: الأصل أن مال العبد للسيد؛ لقوله ﷺ: (من باع عبدًا له مال فماله لسيده إلا أن يشترط المبتاع) فالمال للسيد، وهذا هو الأصل، ولكن إذا اشترط المبتاع أن المال له فقبل السيد هذا الشرط جاز، فيغتفر في التابع ما لا يغتفر في الأصل.
ثانيًا: اليسير معفو عنه كما دلت على ذلك القواعد الفقهية، فيسير النجاسة معفو عنها، وهذا يسير بالنسبة لمال الشركة.
ثالثًا: أن المصلحة هنا أعظم من المفسدة، وإذا تعارضت مصلحة مع مفسدة قدم أعظمهما، فإطعام الطعام، وانتعاش الاقتصاد، والقضاء على الفقر مصلحة مغلبة على مفسدة الربا، وسوف تعالج مفسدة الربا الصغيرة بإخراج هذا الربح صدقة تطهيرًا لهذا المال.
وأما أصحاب القول الثالث القائلون بالتفصيل فذهبوا إلى المنع من الشركات التي اختلط فيها الحرام مع الحلال، إلا أن تكون هذه الشركات شركات كبيرة ذات أموال طائلة وتسد حاجات الأمة، ففي الدول النامية مثلًا شركات المياه أو النقل أو الكهرباء حيث جاءت هذه الشركات المساهمة من الخارج لتساهم في تعمير البلد فالدولة لا تستطيع القيام بذلك، فهذه حاجة الأمة لها ماسة، ولا مال عند الأمة لتسد حاجة الناس إلا بهذه الشركات المساهمة التي فيها شيء من الحرام، فتقدم هنا مصلحة الجماعة على المفسدة القليلة.
ولعل هذا القول من أوفق الأقوال، وإن كان الدكتور علي السالوس -وهو من الذين يحررون هذه المسائل- يرى الحرمة الباتة القاطعة، لكن هذا هو أوفق الأقوال إذا كانت الأمة تنتفع بها ولا تستطيع أن تقوم بحاجات الناس إلا بهذه الشركات، فيغتفر الجزء اليسير من الربا، لكن لابد حتمًا أن يعرف مقدار هذا الجزء ليخرج من الأرباح، ولابد أن يكون هذا الجزء قليلًا كأن يكون واحد في المائة، أو اثنين أو ثلاثة، أو خمسة في المائة، أما أن يصل هذا الجزء إلى الربع أو الثلث أو النصف فهذا لا يصح في حال من الأحوال.

24 / 6