دروس للشيخ الألباني
دروس للشيخ الألباني
জনগুলি
العلم النافع هو علم الكتاب والسنة
السؤال
بالنسبة إلى النقطة الثانية: أن ندعوهم إلى العلم، فهم عن عمد أو غير عمد يفهمون عنا هذه الكلمة خطأ، فيقولون ويظنون أننا نريد بالعلم أن يحفظوا الكتب الستة حفظًا، وأن يحيطوا بالعلوم كلها صغيرها وكبيرها، فمثل هذا نريد له توضيحًا
الجواب
نحن نعني بالعلم العلم المستقى من الكتاب والسنة، ونعني ثانيًا: بأنه يجب على المسلمين أن يتعلموا لينجوا من هذه المسائل الأربع، أي: لينجوا من أن يقعوا في الخلاف، والخلاف قائم، فهم يرجون إبقاء هذا الخلاف بسبب بعدهم عن العلم، وكلما تعلم المسلم وزاد علمه كلما كان ناهيًا عن الاختلاف، يقول الله تعالى في القرآن الكريم فضلًا عن النبي ﷺ: ﴿مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [الروم:٣٢] وهذا واقع الجماعات الإسلامية، فبماذا نقضي على هذا؟ نقضي على هذا بالعلم الصحيح، ثم نحن نريد من عامة المسلمين أن يتعلموا شيئين اثنين: ما يصححون به عقيدتهم، وما يصححون به عبادتهم، لا نريد من كل مسلم أن يكون علاَّمة في التفسير، والحديث، والفقه، واللغة، فهذا له علماء يتخصصون فيه، وهذا فرض كفاية.
فالعلم علمان كما يذكره العلماء جميعًا لا خلاف بينهم: علم فرض عين، وعلم فرض كفاية.
فرض العين هو: ما يجب على كل مسلم أن يتعلمه، وأنا أضرب مثلين اثنين فقط: كل مسلم بالغ واجب عليه أن يصلي، لا يستثنى من هذه الصلاة أحد منهم، إذًا، كل مسلم فرض عليه أن يتعلم ما تصح به الصلاة شروط الصلاة، وأركانها، وواجباتها، هذا فرض على كل مسلم، فهل يقوم أفراد جماعة التبليغ في أنفسهم بهذا فضلًا أن يبلغوه الآخرين؟ الجواب: لا.
فإذًا: هم تاركوا فرض عين فهم مؤاخذون.
مثال آخر يقابل هذا: الحج إلى بيت الله الحرام، لا يجب الحج إلى بيت الله الحرام على كل مسلم بالغ مكلف، ذلك لأن الله ﷿ قال: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران:٩٧] فقد لا يستطيع المسلم، إما لفقره، أو لمرضه، أو لأي سبب آخر، لا يستطيع أن يحج، فنقول له: لا يجب عليك أن تتعلم أحكام الحج، وهناك حجاج إلى بيت الله الحرام، لكنهم يخلون بهذا الفرض فلا يتعلمون أحكام الحج هؤلاء الذين يستطيعون الذهاب صار فرض عين عليهم أن يتعلموا أحكام الحج، أما الآخرون وهم الجمهور الذين لم يجب عليهم الحج فلا يجب عليهم تعلم الحج، من الذي يجب عليهم أن يتعلموا أحكام الحج؟ أولئك الفقهاء والعلماء الذين يتوجه الناس إليهم بالأسئلة؛ عليهم أن يكونوا على علم بما يتعرضون للسؤال عنه.
فإذًا: نحن لا نريد من كل فرد من أي جماعة كانت أن يصير عالمًا، وكما يقول المثل السوري: فلان عالم مثل الصحن الصيني، أي: من أي جزء منه يقرع يجيب فنحن نريد من كل فرد أن يقوم بالواجب الذي يجب عليه الصلاة تجب على كل شخص إذا بلغ سن التكليف، لكن الزكاة ليست كذلك، والحج ليس كذلك.
فإذًا بعض هذه الأحكام فرض عين، ومن لم يفعل فهو آثم عند الله، ولذلك نرى جماعة التبليغ والإخوان المسلمين وحزب التحرير كجماعة، لا أقول: كل فرد منهم؛ لأني أعرف أن في الإخوان وفي كل الجماعات هذه أفرادًا يمشون معنا على الخط السلفي؛ لأنه لا يستطيع أحد أن يجادلنا بأن هذا الخط الذي نحن ماضون فيه هو الذي قال عنه ربنا: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام:١٥٣] لا أحد من هؤلاء يستطيع أن يجادلنا في هذا، ولذلك فنحن نعلم بالتجربة أن في كل هذه الجماعات أفرادًا معنا على هذا الخط علمًا وعملًا، لكن كجماعة كلهم لا يقومون بالفرض العيني، أقل شيء أن يعرفوا صلاة الرسول ﷺ كيف كان يصلي؛ لأنهم يعرفون، فهم إذًا لا يقومون بفرض العين، هذا الذي نريده منهم، لكن بالإضافة إلى هذا -كما ذكرت آنفًا- نريد منهم أن يكون فيهم علماء أحاطوا بقدر ممكن من العلم، بما يجب وجوبًا عينيًا وبما يجب وجوبًا كفائيًا، فإذا سأله السائل: أنا ذاهب إلى بيت الله الحرام، هل أحج -مثلًا- مفردًا، أم أحج قارنًا، أم أحج متمتعًا؟ ربما يجيب مثل ما أجاب ذاك التركي الذي نصبه أبوه مفتيًا، يمكن بعض إخواننا ما سمعوا النكتة، وبخاصة أنه طال الدرس، ويقولون: إن العلم جاف، فدعونا نبلها قليلًا بهذه النكتة: زعموا أن مفتيًا عرض له سفر فقال لابنه: اخلفني من بعدي، فقال: يا أبي كيف أخلف من بعدك وأنا رجل لا أعلم؟ قال: لا عليك، أنا أدلك على طريقة يمشي بها حالك ريثما أعود، قال: هات طريقتك، قال: أنت تجلس على الكرسي في مكاني، وكلما جاءك سائل سألك أي سؤال فقل له: في المسألة قولان، وقال لابنه: جزاك الله خيرًا، وسافر المفتي وجلس ابنه مكانه، والناس كالعادة المفتي هو الذي يعطيهم الجواب في مشاكلهم، وهذا لا يوجد عنده جواب إلا في المسألة قولان، كان السؤال -مثلًا-: أنا قلت لزوجتي: اذهبي أنت طالق، وكلما أحل لك شيخ حرم عليك شيخ إلخ، هذه طلقت مني أم لا؟ يا ابني في المسألة قولان: منهم من يقول: طلقت، ومنهم من يقول: ما طلقت أنا عملت كذا وكذا وجب علي الزكاة أم لا؟ المسألة فيها قولان: منهم من يقول: يجب، ومنهم من يقول: لا يجب! وعلى ذلك قيسوا أنتم؛ الأمر لا يحتاج إلى شرح كثير، أحد الأذكياء انتبه إلى المسألة أن عند هذا الشيخ روتينًا مثل المسجلة، لا يجيب بشيء جديد أبدًا، إنما في المسألة قولان، في المسألة قولان، فقال لرجل بجانبه: اسأل الشيخ وقل له: أفي الله شك؟ فقال له: يا سيدي الشيخ! أفي الله شك؟ قال: في المسألة قولان!! الآن قد يأتي حاج قاصد للحج يسأل أحد المشايخ ممن لا علم عندهم من هذا العلم القائم على الكتاب والسنة: أيها أفضل: أحج يا شيخ مفردًا أم قارنًا أم متمتعًا؟ فيقول له: هناك ثلاثة أقوال فأيها فعلت صح حجك، ويزيدها: من قلد عالمًا لقي الله سالمًا، وإن شاء الله ما يقول: قال رسول الله؛ لأن هذا لا أصل له، أما أنها كفقه فهي فقه، من قلد عالمًا لقي الله سالمًا، هذا يجب أن يكون في الأمة من يرفع عنها الحيرة ثلاثة أقوال في حجه! الرسول حج في زمانه حجة واحدة، كما تريد، إن شئت مفردًا، وإن شئت قارنًا، وإن شئت معتمرًا، لابد أن يكون الحق واحدًا؛ لأن الحق لا يتعدد، ولذلك قال الرسول ﵇ في الحديث الذي تسمعونه دائمًا، لكن قل من ينتبه لانحراف الناس عنه: (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد) .
إذًا: المسألة إما أن تكون خطأً وإما أن تكون صوابًا، فهناك ثلاثة أقوال في مسألة الحج، الرسول ما حج في حياته المباركة إلا حجة واحدة في آخر حياته؛ لأنهم لا يعلمون، أو يعلمون لكن يحيدون، وكما يقال: أحلاهما مر.
إن النبي ﷺ لما وقف على الصفا، فقال له رجل من الصحابة: يا رسول الله! عمرتنا هذه.
لأن الرسول كان قارنًا جامعًا بين الحج والعمرة، ومع أنه قال: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي، ولجعلتها عمرة، فأحلوا أيها الناس!) أي: اجعلوا حجكم تمتعًا، قال ذلك السائل وهو في أسفل جبل الصفا، (يا رسول الله! عمرتنا هذه ألعامنا هذا أم للأبد؟ قال: بل لأبد الأبد) عمرتنا هذه لعامنا، أي: خصوصية لنا أصحاب الرسول أم هي للأبد، فقال: (بل هي لأبد الأبد، دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، وشبك بين أصابعه ﵇ ماذا يريد المسلمون أوضح بيانًا من هذا الكلام الممثل عمليًا بتشبيك الأصابع؟ دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، وإلى الآن تجد مشايخ كبارًا يخيرون الحجاج أن تحج مفردًا، أو تحج قارنًا، أو تحج متمتعًا الرسول ﷺ ألغى هذه الحجج كلها إلا حج القران، بشرط أن يسوق الهدي من ذي الحليفة وبالنسبة لنا هنا لا يوجد سوق الهدي، واحد يشتري الأغنام ويركبها معه في السيارة، وتجده مهتمًا بمظهره ومتزينًا، ويمكن حالقًا لحيته من أجل العيد!! المقصود هذا غير واقع.
إذًا: لم يبق عندهم؛ لأن الذي يحج قارنًا ويسوق الهدي يكون جمع بين الحج والعمرة، يكون صدق عليه هذا الحديث، لكن نسي قول الرسول: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي -أي: من ذي الحليفة - ولجعلتها عمرة، فأحلوا أيها الناس!) الذين ما ساقوا الهدي معناه أنهم يريدون القران فأمرهم بأن يتحللوا، حتى علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه كان في اليمن مبعوثًا من الرسول ﵇ كما ذكرنا آنفًا، فبلغه أن النبي ﷺ في هذه السنة حاج، فيمم شطر المسجد الحرام، لكنه لا يعرف ما نواه الرسول، فلبى بأنه حج كحجة الرسول ﵇، ولما جاء إلى مكة وطاف طواف القدوم دخل على زوجته فاطمة، فرآها حالة متهيئة لاستقبال زوجها، والبخور يعمل عمله في خيمتها، فقال لها: ما هذا؟! منكرًا عليها، فأخبرته بأن هذا أمر النبي ﷺ في حديث: (أهل بيتي ﵇ جمعوا بين الحج والعمرة وتحللوا) فلما سمع ذلك منها ذهب إلى النبي ﷺ وهو لا يزال في إحرامه، أما زوجته فتحللت، فذكر علي للرسول ﵇ ما رأى من فاطمة، فقال له ﵇: (بماذا أهللت يا علي؟ قال: أهللت بإهلال النبي، قال: فأنا أهللت بالحج قارنًا) وكان علي قد ساق الهدي معه، فقال له: (إذًا أمسك على إحرامك) فضل قارنًا بينما زوجته متحللة.
فإذًا: قول الرسول ﵇: (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة) لا يجوز للمسلم أن يحج حجًا مفردًا.
ولماذا يلجأ كثير من الناس اليوم إلى حج ا
9 / 15