লাওয়াকিহ আনওয়ার
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
প্রকাশক
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
প্রকাশনার বছর
1315 هـ
بل هو أشد لما ورد في خلود قاتل نفسه دون قاتل غيره، والإكسير الذي يقلب الأعيان ذهبا خالصا الإكثار من الذكر مع الإخلاص، وكان رضي الله عنه يقول: المراقبة لله عز وجل هي المفتاح لكل سعادة، وهي طريق الراحة المختصرة، وبها يطهر القلب، وتندحض النفس، ويقوى الأنس فينزل الحب، ويحصل الصدق.
وهو الحارس الذي لا ينام، والقيوم الذي لا يغفل، وكان رضي الله عنه يقول: يجب على كل عبد أن يدخل نفسه في كل شيء يغمها، ويسوءها حتى ترجع مطيعة له فإنها هي العقبة التي تعبد الله الخلق باقتحامها، وهي حجاب العبد عن مولاه، وما دام لها حركة لا يصفو الوقت، وما عام لها خاطر لا يصفو الذكر، وبقاء النفس هو الذي صعب على العلماء الإخلاص في تعليمه فإن النفس إذا استولت على القلوب أسرتها، وصارت الولاية لها فإن تحركت تحرك القلب لها، وإن سكنت سكن من أجلها، وحب الدنيا، والرياسة لا يخرج قط من قلب العبد مع، وجودها فكيف يدعي عاقل حالا بينه، وبين الله عز وجل مع استيلائها، أم كيف يصح لعابد أن يخلص في عبادته، وهو غير عالم بآفاتها فإن الهوى روحها، والشيطان خادمها، والشرك مركوز في طبعها، ومنازعة الحق، والاعتراض عليه مجبول في خلقتها، وسوء الظن، وما ينتج من الكبر، والدعوى، وقلة الاحترام سيمتها، ومحبة الصيت، والاستهتار حياتها، ويكثر تعداد آفاتها وهي التي تحب أن تعبد كما يعبد مولاها، وتعظم ربها فكيف يقرب عبد من مولاه مع بقائها ومصالحتها، ومن أشفق عليها لا يفلح أبدا فيجب على الصادق أن كل ما تمقته النفوس يعانقه، وكل ما تميل إليه يفارقه، ويقبل من الذامين ذمهم فيه، ويقول للمادحين ما مدحتموه من وراء حجاب، ويقول لنفسه في كل نفس لا قرب الله مرادك، وأبعد مرامك فنعوذ بالله من أرض ينبت فيها نزاهة النفوس فإن من لمح نزاهتها، ورأى لها قدرا أو علم أن في الوجود أخس من نفسه فما عرف نفسه فكيف ينزهها أو يغضب لها أو يؤذي مسلما لأجلها فيجب اجتنابها كالسم، وما دامت في وجه القلب لا يصل إلى القلب خير لأنها ترس في وجهه، وكلما قويت على القلب زاد شره، ونقص خيره، وما بقى منها بقية فالشيطان لا ينعزل عنها، والخواطر المذمومة لا تنقطع منها وكان رضي الله عنه يقول: يجب على السالك ألا يشتغل بالكلية بمقاومة نفسه فإن من اشتغل بمقاومتها أوقفته كما أن من أهملها ركبته بل يخدعها يخدعها بأن يعطيها راحة دون راحة ثم ينتقل إلى أقل من ذلك، ومن قاومها، وصار خصمها شغلته، ومن أخذها بالخدع، ولم يتابع هواها تبعته.
وكان رضي الله عنه يقول: إذا لبست النفس على مريد حالها، وادعت الترك للدنيا وأن عملها، وعلمها، وتعليمها خالص لله تعالى فيجب عليه أن يزنها بالميزان التي لا تنخرم، والمعيار الذي لا يظلم، وهو تصوير ذمها بعد مدحها، وردها بعد قبولها، والإعراض عنها بعد الإقبال عليها، وذلها بعد عزها، وإهانتها بعد إكرامها فإن وجد عندها التغير والانتصار فقد بقي عليه من نفسه بقية يجب عليه مجاهدتها، ولا يجوز له الاسترسال معها، وليعلم حين التغير أنه واقف مع نفسه عابد لها معين لها على حصول آفاتها وصاحب هذا الحال بعيد من الله عز وجل، وكان رضي الله عنه يقول: إن المريد متى ترك مجاهدة نفسه، ولم يجذبها، وثبت أخلاقها، وعجز عن الخروج عنها، وكأنه في كل يوم يبني على ذلك الأساس، ويشيده في كل لحظة حتى يموت بدائه، وحسرته فإنه قل من يسر لنفسه الجاه، والصيت فأمكنه الخروج عنه فيجب عليه أن يستغيث بربه عز وجل، وينكس رأسه، ويعتذر إليه، ويسكت عن كل دعوى، وكان رضي الله عنه يقول: كل من بقي له عدو يخاف أن يشمت به فإنما هو لبقاء نفسه، ولبقاء حب الدنيا في قلبه، وكان رضي الله عنه يقول: من أعرض الخلق عنه فتغير منه شعرة واحدة فهو واقف معهم مشرك بربه عز وجل، ومن كسر بكل مرض فتغير منه شعرة واحدة فهو واقف مع نفسه في حجاب عن ربه ومن تغير في حال الذل، ولم يكن كما كان في حال العز فهو محب للدنيا بعيد من ربه وكان رضي الله عنه يقول: كل ما أغفل القلوب عن ذكره تعالى فهو دنيا، وكل ما أوقف القلوب عن طلبه فهو دنيا، وكل ما أنزل الهم بالقلب فهو دنيا. وكتب رضي الله عنه رسالة إلى بعض أخوانه: السلام عليك يا أخي ورحمة الله، وبركاته وبعد فقد سألتني أيها الأخ أن أدعو لك، والعبد أقل من أن يجاب له دعاء، ولكن ندعو لك امتثالا فنقول: ألهمك الله يا أخي ذكره، وأوزعك شكره، ورضاك بقدره، ولا أخلاك من توفيقه، ومعونته، ولا وكلك إلى نفسك، ولا إلى أحد من خليقته،
পৃষ্ঠা ১৩৯