باب مدح العلوم
قد مدح أبو عثمان الجاحظ أنواع العلوم وذمها بأعيانها معربا عن قدرته على الكلام وبعد شأوه في البلاغة، وحين سئل عن الأثر قال:
هو أخبار الماضين، وأنباء الغابرين، وقصص المرسلين، وآداب الدنيا والدين، ومعرفة الفرض والنافلة، والشريعة والسنة، والمصلحة والمفسدة، والنار والجنة، إلى صاحبه تشد الرحال، وحوله يعتكف الرجال، ويسير به ذكره في البلدان، ويبقى اسمه على ممر الزمان.
قيل: فالفقه؟ قال: فيه علم الحلال والحرام، وبه تعرف شرائع الإسلام، وتقام الحدود والأحكام، وهو عصمة في الدنيا، وزينة في الأخرى، يخطب لصاحبه فضل الأعمال، ويخلع عليه ثوب الجمال، ويلبسه الغنى، ويبلغه مرتبة القضا.
قيل: فالكلام؟ قال: عيار كل صناعة، وزمام كل عبارة، وقسطاس يعرف به الفضل والرجحان، وميزان يعلم به الزيادة والنقصان، ومحك يتميز به الخاص والعام، والخالص والمشوب، ويعرف به الإبريز والستوق، وينظر به الصفو والكدر، وسلم يرتقى به إلى معرفة الصغير والكبير، ويوصل به إلى الحقير والخطير، وأدلة للتفصيل والتحصيل، وإدراك الدقيق والجليل، وآلة لإظهار الغامض المشتبه، وأداة لكشف الخفي الملتبس، وبه تعرف ربوبية الرب وحجة
পৃষ্ঠা ৪৫