লমাহাত মিন হায়াতি: সীরাহ শাবেহ জাতীয়া
لمحات من حياتي: سيرة شبه ذاتية
জনগুলি
كان ثمن هذه الكلمة أربعة وعشرين عاما من عمري قضيتها بلا وظيفة واضطررت في أثنائها إلى بيع معظم ما تركه أبي لي من أرض حتى أواجه حاجات الحياة الضرورية، فأنا لم أكن يوما لاعب قمار ولا شارب خمر والحمد لله، ومع ذلك لم يبق لي من أرضي التي ورثتها إلا قدر أخجل أن أذكره والحمد لله على ما وهب والحمد لله على ما منع.
كان عزيز باشا قد وعدني أن يهيئ لي وظيفة في إحدى شركات البترول، وانتظرت الوظيفة دون جدوى، ولولا شغفي بالقراءة وكتابة بعض التمثيليات الإذاعية فقد كنت قد بدأت أكتب تمثيليات للإذاعة منذ عام 1949م لأملأ الفراغ الذي أصاب حياتي كلها، ولعل بقائي هذا في البيت كان السبب المباشر لكثرة الشجار بيني وبين زوجتي، ولعل هناك سببا آخر أهم من ذلك، فقد تزوجنا على حب جارف، فكان كل منا ينتظر من الآخر ما لا يطيق الآخر أن يقدمه، وربما كانت سننا الباكرة سببا أيضا في التمسك بتوافه الأمور وصغيرها وتضخيم الأخطاء والمبالغة في تقويمها، ولا شك أن قلة المال في يدنا كانت سببا جوهريا آخر على الرغم من أننا لم نكن قد رزقنا بابنتنا وابننا بعد، وقد استمرت هذه الحالة من الشجار حتى علا بنا السن وبلغنا الأربعين تقريبا، فاستقر ما كان مضطربا وهدأ ما كان عاصفا.
الفصل الثامن
ظللنا ثلاث سنوات لا ننجب حتى إذا كانت السنة الثالثة ظهرت بوادر الحمل، ورحنا ننتظر مولودنا بفرح وشغف شاركنا فيهما جميع أهلنا.
وحدث لسوء الحظ أن توفي في فترة الحمل هذه عم زوجتي المرحوم عثمان بك أباظة الذي كان عضوا بمجلس النواب لفترة طويلة، وحزنت زوجتي لوفاته حزنا شديدا، وأغلب الأمر أنها أجهدت نفسها في المأتم أكثر مما ينبغي لحامل أن تفعل، وكانت النتيجة القاسية المرة أن مات الجنين قبل أن يولد وكان باقيا على ولادته فترة قليلة.
وأحسبني في غنى أن أذكر حزننا لهذا الحادث، وخاصة أنه جاء بعد وفاة والدي بفترة قليلة.
وفاة أبي
في 31 ديسمبر عام 1952م شعر أبي ببوادر مرض عرفنا جميعا أنه ليس مرضا هينا، وكانت أمينة هانم صدقي حرم عمي عزيز باشا تحب أن تحتفل برأس السنة في الربعماية بلدة عزيز باشا، وأصرت أن أحضر مع زوجتي هذا الاحتفال، وذهبنا فقد كنت أحب أمينة هانم كل الحب وأقدرها أنا وزوجتي التي تولت شأنها منذ كانت في السادسة عشرة من عمرها، فكانت لها أكثر حنوا من الأم؛ ولهذا أسمينا ابنتنا أمينة على اسمها، ذهبت إلى الربعماية، ولكنني وجدت نفسي لا يقر لي قرار خوفا على أبي، فإنني لا أعرف أحدا أحب أباه كما أحببت أنا أبي، ولعلك في غير حاجة إلى التعرف على هذا الحب الذي يزيده عمقا الإجلال والتقدير والإعجاب بل والإبهار، فإن ما قرأته في الصفحات السابقة نبض بكل هذه المعاني.
لم أستطع البقاء في الربعماية وهمست لزوجتي أنني عائد إلى أبي في القاهرة، وأدركت ما يدور بنفسي ولم تعترض، وفي الليل البهيم قدت سيارتي إلى بيتنا في العباسية وحرصت أن أتسلل إلى الحجرة التي كنت أنام فيها قبل زواجي حتى لا أشعر أمي أو أبي بالرعب الذي تولاني خوفا على أبي، ولكني لم أستطع في تسللي أن أتخفى عن الخدم الذين أنبئوا أمي وأبي بعودتي فاضطررت أن أدخل إلى أبي في حجرته، ولا شك أن مظاهر الانزعاج كانت بادية علي، ولكنني اختلقت أعذارا واهية لعودتي أحسب أنها لم تجز على السياسي المحنك، ولكنه تظاهر بتصديقها، وتركت بيتي ولحقت بي زوجتي في اليوم التالي، وأقمنا ببيت أبي طوال أيام مرضه.
تدهورت حالة أبي الصحية في سرعة عجيبة، فلم يستمر مرضه أكثر من اثنين وعشرين يوما، وفجعت بموته فجيعة لم أعرف مثيلا لها في حياتي حتى حين توفيت والدتي، فقد عانت قبل الوفاة المرض سنوات طوالا ولم يخفف موتها حزني عليها، فقد ظلت إلى آخر لحظة من حياتها متنبهة تشاركنا الحديث بذكائها الحاد، وقد توفيت والدتي في السبعين من عمرها، أما أبي فقد توفي وهو في الرابعة والستين من عمره، وكنت في يوم الوفاة مضطرا أن أذهب إلى المحكمة لأحضر في قضية غير ذات قيمة، ولكن شعوري بالمسئولية حتم علي أن أرسل القضية إلى الأستاذ إبراهيم أباظة قريبي الذي كنت أتمرن في مكتبه ليتصرف فيها وارتاح ضميري إلى ما فعلت، وتفرغت بعد ذلك إلى الكارثة التي حاقت بنا، وراح بيت من الشعر يلح علي دون أن أستدعيه:
অজানা পৃষ্ঠা