লমাহাত মিন হায়াতি: সীরাহ শাবেহ জাতীয়া
لمحات من حياتي: سيرة شبه ذاتية
জনগুলি
لم يكن يدور في خلد الكثيرين أن صدقي باشا سيأتي بالنصوص التي أتى بها «وحدة مصر والسودان تحت التاج المصري» والفرق بين ما كان المفاوضون قد طلبوه وما جاء به صدقي باشا هو أنهم كانوا يرون التأجيل، ورأى دولته التعجيل.
أما ما يدعيه المعارضون من أن النص يحتمل التأويل ويخول للسودان حق الانفصال فلا نسلم به بأي حال، وقد فسر دولة صدقي باشا النصوص بما يطمئن أشد الناس تعنتا وأكثرهم مكابرة، وترك الباب مفتوحا بعد ذلك للمفاوضة لأن التعاون بين المملكتين على العمل الباب لرفاهية السودان وترقيته وجعله أهلا للحكم الذاتي يجعل لنا الحق في المطالبة بتمكين مصر من ممارسة حقوقها، ويكفل لها الهيمنة التي كفلتها المعاهدة لها، وتفسير دولة صدقي باشا هو الذي نقره ونعتمد عليه، وكل ما يحصل عليه السودان بعد ذلك من حقه في الحكم الذاتي والنظام الذي يترتب عليه لا يخرج عن نطاق وحدة وادي النيل تحت التاج المصري. يبقى مجلس الأمن، وأمر المعارضين فيه غريب فقد كان مجلس الأمن رجسا إلى وقت قريب، وحمل الوفد على سياسة الاشتراك في جمعية الأمم المتحدة وأخذ يشهر بها وينكر الفائدة من وجودها، وقتل الشهيد أحمد ماهر في سبيلها.
فلما وجدت وتكونت هيئاتها وأصبحت مصر من أعضائها وتشكك بعض المصريين في نتيجة عرض قضيتها عليها، انقلبت جمعية الأمم خيرا عميما وفوزا للحرية عظيما وقاضيا عادلا صادقا رحيما.
وأرد الله أن يجلو الشك باليقين فطرح ممثلنا في هذه الجمعية منذ أسبوع واحد مسألة الجلاء، جلاء الجيوش الأجنبية عن بلاد الأمم المشتركة في الجمعية، وأخذت الأصوات فأسفرت عن 29 صوتا بالرفض و13 صوتا بالموافقة على الاقتراح أكثرها من الأمم العربية، هذه النتيجة العظيمة، هذا البرهان القوي الملموس الدافع، هذا الرد السريع الصريح، لا يفتح عيون المعارضين ولا يبصرهم بالعواقب يتغنون بأنشودتهم المحبوبة: مجلس الأمن! مجلس الأمن!
ولست في حل من الكلام عن مجلس الأمن، ومن الوطنية أن أكف عن الاسترسال في بيان رأيي فيه، ولكني أحيلكم إلى ساستنا الوطنيين الأكفاء المخلصين الذين خبروه عن قرب واشتركوا في اجتماع هيئة الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن وفي سائر المؤتمرات، فوقفوا في اتجاهها وتبينوا حقيقة نياتها.
هؤلاء الساسة المصريون لا يرقى الشك إلى وطنيتهم، ولا يجرؤ إنسان على الطعن في كفاءتهم، فقد رفعوا رءوسنا ولفتوا أنظار العالم لنا، فوقف باهتا مشدوها مأخوذا بتلك الجرأة العجيبة والكفاءة الممتازة والحماسة الوطنية التي جعلت بريطانيا تتململ متوجعة تشكو، وكانت تنتظر منهم بعض مظاهر الود والمجاملة.
أنأخذ بكلام رجالنا هؤلاء، وتلك خبرتهم وهذه مواقفهم، أم نأخذ برأي المتفائلين الذين كانوا متشائمين، ونتأثر بحملات بعض المعارضين، وقد كانوا إلى وقت قريب موافقين يحبذون ويصفقون؟
إذا وقعت المعاهدة فإن الجلاء عن القاهرة والإسكندرية وبلاد الدلتا يتم في شهر مارس، أي بعد ثلاثة أشهر وبضعة أيام، وبعد ذلك بسنتين ونصف سنة يتم الجلاء عن بلادنا بأسرها في يوم محدد هو أول سبتمبر، والفضل لصدقي باشا في هذا التحديد، أتريد من وطني صادق الوطنية ومن مصري مخلص صادق النية أن يتردد في الموافقة على خلاص بلاده من أسرها واستكمال حريتها واستقلالها وتريد من مصري نزيه عاقل يحب بلاده ويفديها بحياته أن يستبدل ذلك بقضية خاسرة يقدمها إلى محكمة يعتقد أنها ستحكم فيها بالإعدام ولديه على ذلك ألف برهان؟
كان المغفور له قاسم أمين يقول: «أعرف قضاة يحكمون بالظلم ليشتهروا بالعدل.» وأنا أعرف رجالا يسيئون إلى وطنهم ليشتهروا بالوطنية. •••
كانت هذه المقالة ذات صدى بعيد عندما نشرت، ولكن متى ناقش الوفديون بالمنطق، لقد رفضوا أن يتحقق هذا النجاح الفائق الذي بلغه صدقي على غير أيديهم ولتذهب مصر والوطنية إلى أي جحيم تشاء. •••
অজানা পৃষ্ঠা