وكانت الحلقات العلمية والتدريسية مصابة بجمود شديد، فكل طائفة تعتبر الخروج عن دائرتها الفقهية قيد شعرة جريمة لا تغتفر، وكان مألوفا لدى كل طائفة أن ترى إلى الكتاب والسنة بمنظار مذهبها الفقهي، وتحاول تطبيق الكتاب والسنة في الخلافات الفقهية على آرائها في كل حال فضلا عن تحكيمها فيها، وكان باب الترجيح والاختيارات الفقهية مغلقا عمليا، وكانت مشكلات حديثة وقضايا جديدة قد حدثت مع تغير الزمان والأحوال، الأمر الذي كان يحتاج إلى إرشاد المسلمين فيها والبحث عن حلولها إلى رجل يجمع بين سعة النظر في ذخائر الفقه الإسلامي، والتعمق في الكتاب والسنة والاطلاع على تعامل القرون الأولى، والعلم العميق الدقيق بأصول الفقه، وقد كان يتضايق مجال العلم والنظر والدراسة على مر الزمان وتضمحل القوى الفكرية، ولم يكن عالم من علماء الإسلام يتجرأ على استنباط الأحكام الجديدة وكان الفقه الإسلامي قد فقد جدارة النمو والتقدم، ويعتبر من المستحيل أن يزداد إلى ثروة الفقه القديمة أي زيادة.
পৃষ্ঠা ৪১