وقد يظن ظان أن ابن تيمية وقد ابتلي بهذه الابتلاءات جميعا فكر يوما ما أن ينال من مسلم آذاه أو وشى به حاشا وكلا لقد كان دائما ذا نفس أبية لم ينتقم يوما لنفسه مع قدرته ممن آذاه وألب عليه.
*حدث ابن عبدالهادي عن شيخ الإسلام أن سلطان مصر الناصر ابن قلاوون استقدم الشيخ عنده ورحب به ثم أخرج له من جيبه فتاوي لبعض علماء مصر الذين أفتوا بقتل ابن تيمية، واستفتى السلطان ابن تيمية في أن يقتل بعضهم ممن زوروا على ابن تيمية وافتوا في قتله. قال الشيخ ابن تيمية "ففهمت مقصود السلطان ابن قلاوون وعلمت أن عنده حنقا شديدا عليهم لأنهم كانوا قد خلعوه وبايعوا ركن الدين بيبرس الجاشنكير يقول ابن تيمية فشرعت في مدح هؤلاء العلماء وشكرهم، وأنهم لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، وأما أنا فهم في حل من حقي ومن جهتي".
قال ابن تيمية فكان القاضي زين الدين بن مخلوف قاضي المالكية يقول بعد ذلك: ما رأينا أنقى من ابن تيمية لم نبق ممكنا في السعي لقتله إلا وفعلناه، ولما قدر هو علينا عفى عنا. أ.ه. (العقود الدرية لابن عبدالهادي ص281-283).
الباب الخامس
ابن تيمية وشهادات العلماء المعاصرين
كتب علماء معاصرون كثيرون لا أستطيع أن أحصيهم في هذه الرسالة الموجزة السريعة وكلهم أطبقوا كما ذكرت في أول الرسالة أن العالم في القرن الثامن كان ينتظر خروج هذا الرجل لحاجة الأمة إلى تجديد الدين، وإزالة الركام الذي ألقاه الظالمون والمنتحلون.. وكان هذا الذي ذكره العلماء المحدثون هو أيضا ما أطبق عليه العلماء الذين عاصروا ابن تيمية وعايشوه. ولكن المعاصرين الآن من أهل الدين والفهم وممن له اشتغال بالدعوة والجهاد والعلم يرون أنه ما أشبه اليوم بالبارحة، وأنه ما أحوج العالم اليوم إلى ابن تيمية ليجدد لهذه الأمة شبابها، ويعلي للتوحيد مناره، وللإسلام الحق ركنه وفخاره.
পৃষ্ঠা ৩৩