III
علة له من كون كونه علة لها لاشتراكهما في أخص الصفات، فيكون كل واحد منهما علة ومعلول، وعلى قود قولهم وجوده لعلة قديمة. وقد ثبت استحالة بطلان ما هو قديم، فلزم من ذلك استحالة بطلان العلة، واستحالة بطلان وجوده لاستحالة بطلانها، فقد تم مرادنا في القول باستحالة خروج ذاته عن كونها موجودة. وإن كانت محدثة وتعلقها به مع قدمه، فذلك يقضي بتأخر العلة عن معلولها وتقدم معلولها عليها. وفي ذلك من النقض ما تنكره العقول السالمة، فلم يبق إلا امتناع جواز وجوده لما ثبت من قدمه وحدوث من ثبت جواز وجوده. وإن قيل: فلم لا يكون ذلك بالفاعل؟ قلنا: لما يلزم من تقدم الفاعل عليه، وفي ذلك إثبات قدم الفاعل، فظهر بذلك وجوب وجود قديم فاعل، لا بد منه في كل حال وحال من حيث امتناع وقوف ذلك على وجه تخرج عن كونه كذلك. وما ثبت من قدمه تعالى يمنع أن يكون له ضد لأن PageBegV00P059b الضدية من حكمها جواز وجود أحدهما بدلا من ضده وقدمه يوجب وجوده وصحة اطراء الضدية عليه يجيز وجوده، وهذا ظاهر الفساد، والله أعلم.
باب في إثباته تعالى مريد وكاره
الذي يدل على أن أحدنا مريدا وكارها هو صحة وقوع فعله على وجه مع صحة أن يقع على خلافه، وإذا وقع على أحد الصحيحين دل على أن فاعله أراد وقوعه على أحدهما دون الآخر مطاوعة للداعي وعند فعله، وكذلك كونه كارها حصول امتناعه من الفعل للصارف ]ومثال] ذلك فعلنا الكلام على وجه الأخبار لا على وجه الأمر وتارة على وجه الأمر لا الإخبار وعند الكراهة [يكون] الكلام على وجه الزجر والتهديد بأن كانت الكراهة [يقع] الفعل عندها على وجه دون وجه كالإرادة بل يقع الفعل بها على وجه واحد على طريق التعيين، ونحن نعلم حصولنا على هذين [الشيئين] ض[دين] ونفعل
IV
الجملة ثم يتوجه أن لا يقع الخير والشر من جملة واحدة، ووقوع كليهما منها معلوم ضرورة. والنور الذي لا التباس في صحة خيره والمنفعة به قد يكون منفعة لزيد وضرر لعمرو خلافا لما قالوه، فيقع الحسن من جارحة يقع بها السيئة. وقولهم: يتضاد الخير والشر، وكذلك لا يكون فاعلهما أبدا واحدا، فذلك أيضا محال لعلمنا بأن الفعل الواحد يكون خيرا ويكون ضررا لتغاير الوجه والفاعل واحد. ولا يلزم على ذلك كون الفاعل الواحد يكون مذموما ممدوحا لوقوف امتناع ذلك، إذا انضم إليه أن يكون الوجه واحد والحال واحدة. وأما في حالين ووجهين، فجائز كجوازه في شخصين، والمانوية والديصانية هم من جملة الثنوية لانقسامهم فرقا عديدة وخرافاتهم كبيرة. وفي ما قد تقدم إفساد مقالات فرقهم، فلا حاجة إلى الإطالة في أمرهم. وتجاهل المجوس في أنه تعالى أحدث عند خوفه PageBegV00P025b من ضد له فكرا، تولد عنه الشيطان، وكان ذلك منه سهوا لا قصدا، وكان الشيطان المتولد فاعل هذه الشرور. وفي ذلك من التجاهل ما يكف عن الاحتفال بهم.
فصل
والنصارى قائلين بثلاثة أقانيم، جوهر واحد، أي ثلاثة ذوات اتحد بعضها ببعض، فصارت ذاتا واحدة قادرة عالمة حية. والقول بأنها ثلاثة ذوات اتحدت فصارت ذاتا واحدة، يقتضي أحد قسمين، إما مجاورة وإما تأليف، وليس واحد منهما إلا للجواهر والأجسام المحدثة والأعراض، فلا يصح كونها قادرة عالمة من دون انضياف. فإن ادعوا أنه واحد في الحقيقة وثلاثة في الحقيقة، فذلك هوس لا يعقل. وإن قالوا بما قلنا: ثلاثة لما هو عليه من صفات ثلاثة، كونه قادرا عالما حيا، كان ذلك تجاهلا لأن الصفات لا يعبر عنها بمثل ذلك، ولم اقتصروا مع هذا الأصل على أنهم ثلاثة ولا يكونوا
V
الفعل من كليهما وذلك قاض بنفيهما مع ما وجب من القضاء بوجود أحدهما لوجوب انتهاء الحوادث إلى واحد أزلي لا بد منه، فوجب إبطال ثان لا دليل عليه ولا حاجة داعية إليه.
অজানা পৃষ্ঠা