وكلامه رحمه الله في مثل هذا كثير. فلم يخص التكفير بالمعاند مع القطع بأن أكثر هؤلاء جهال لم يعلموا أن ما قالوه أو فعلوه كفر، فلم يعذروا بالجهل في مثل هذه الأشياء لأن منها ماهو مناقض للتوحيد الذي هو أعظم الواجبات، ومنها ما هو متضمن معارضة الرسالة ورد نصوص الكتاب والسنة الظاهرة المجمع عليها بين علماء السلف.
وقد نص السلف والأئمة على تكفير أناس بأقوال صدرت منهم مع العلم أنهم غير معاندين. ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله تعالى: من جحد وجوب عبادة من العبادات الخمس أو جحد حل الخبز ونحوه أو جحد تحريم الخمر ونحوه أو شك في ذلك، ومثله لا يجهله كفر، وإن كان مثله يجهله عرف ذلك، فإن أصر بعد التعريف كفر وقتل ولم يخصوا الحكم بالمعاند. وذكروا في باب حكم المرتد أشياء كثيرة أقوالا وأفعالا يكون صاحبها بها مرتدا ولم يقيدوا الحكم بالمعاند.
وقال الشيخ أيضا: لما استحل طائفة من الصحابة والتابعين الخمر كقدامة وأصحابه وظنوا أنها تباح لمن آمن وعمل صالحا على ما فهموه من آية المائدة قال تعالى: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات...} اتفق علماء الصحابة كعمر وعلي وغيرهما على أنهم يستتابون، فإن أصروا على الاستحلال كفروا، وإن أقروا به جلدوا، فلم يكفروهم بالاستحلال ابتداء لأجل الشبهة حتى يبين لهم الحق فإن أصروا كفروا.
পৃষ্ঠা ১২