في عام 51 قبل الميلاد توفي بطليموس الثاني عشر، تاركا مصر لكليوباترا السابعة وابنه الأكبر بطليموس الثالث عشر. قيل مؤخرا إن كليوباترا ربما حكمت وحدها لأول سنة عقب وفاة والدها (بينجن 2007: 68). يوجد اعتقاد بأنه لم تعقد مراسم حفل زواج رسمي بين بطليموس الثالث عشر وأخته، وأن الاثنين حكما معا فحسب (هولبل 2001: 231). كان الحكم المشترك بين الأخ البالغ من العمر عشر سنوات وأخته مليئا بالمشكلات منذ البداية. لقد سيطر مؤيدو الملك على العرش عام 50 قبل الميلاد (هولبل 2001: 231-239)، وظهر اسم كليوباترا بعد اسم أخيها؛ مما يشير إلى أنه كان الحاكم المسيطر. وفي عام 49 قبل الميلاد طبقت صيغتان للتأريخ؛ السنة الأولى من حكم بطليموس الثالث عشر، التي كانت السنة الثالثة من الحكم المشترك. يشير ترتيب سرد التواريخ إلى أن السنة الأولى من الحكم الجديد كانت الأكثر أهمية؛ في ذلك الوقت كان بطليموس الثالث عشر قد حصل على ثلاثة أوصياء جدد؛ بوثينوس وأخيلاس وأحد معلميه، ثيودوتوس من خيوس. خططت هذه المجموعة لإقصاء كليوباترا عن الحكم، وفي عام 49 قبل الميلاد حققت هذا الهدف (هولبل 2001: 232). في خريف عام 49 قبل الميلاد أعلن الرومان بطليموس الثالث عشر الحاكم الوحيد لمصر. وصف يوليوس قيصر هذه الفترة بنفسه كجزء من مذكراته التاريخية؛ ففي كتاب «حرب الإسكندرية» (33) يذكر القيصر أنه عين الأخوين بطليموس وكليوباترا حاكمين، كما ورد في وصية بطليموس الثاني عشر. نفيت أرسينوي، أخت كليوباترا، وتركت حشود من الجنود من أجل «تدعيم سلطة الملكين بسبب ولائهما إلى قيصر». وفي كتاب قيصر «الحروب الأهلية» يوجد تعليق على الموقف في مصر تحت حكم البطالمة مباشرة قبل وصول الرومان إلى الإسكندرية؛ ففي سياق وفاة بومبي كتب قيصر يقول: «وقد تصادف أن ملك بطليموس كان هناك، وقد كان مجرد صبي، يشن حربا بقوات ضخمة على أخته كليوباترا. وخلال بضعة أشهر، بمساعدة المقربين إليه والمفضلين لديه طردها من مملكته. ولم يكن معسكر كليوباترا بعيدا عن معسكره» (3. 103).
بمجرد وصول قيصر إلى الإسكندرية كتب يقول: «نظرا لاعتقاده بأن خلافات الأسرة الحاكمة تهم الشعب الروماني وتهمه هو بصفته القنصل، وأنه من واجبه التصرف لأن التحالف الذي حدث مع بطليموس، والد الملك الحالي، كان في أوائل فترة توليه القنصلية، بقانون ومرسوم من مجلس الشيوخ، أعلن أنه قرر ضرورة تسريح كل من الملك بطليموس وأخته كليوباترا جيوشهما وتسوية خلافاتهما من خلال عرضها عليه ليصدر حكما فيها بدلا من تسويتها باستخدام القوة ...» (3. 107).
تشبه الإشارات إلى كليوباترا في المجلد (3. 108) من كتاب «الحروب الأهلية» تلك الموجودة في كتاب «حرب الإسكندرية»؛ إذ يتحدث عن وصية بطليموس الثاني عشر التي ذكر فيها أن من سيرثه سيكون الابن الأكبر والبنت الكبرى، وأن تشرف روما على هذا؛ إذ طلب منها التأكد من تطبيق هذه الوصية. ومعنى هذا أن القيصر تدخل في الأمر بدافع الواجب. (6) الآلهة الإخوة
لقيت أخت كليوباترا الكبرى، غير الشقيقة على الأرجح، مصرعها عقب عودة بطليموس الثاني عشر من المنفى. تعلمت كليوباترا من هذا بوضوح درسا مهما، وكما رأينا تحالفت مع والدها بدلا من التآمر ضده. من الواضح أن أرسينوي، التي لا يعرف تاريخ مولدها، لم يكن لديها ما يكفي من الدهاء لتتمكن من إرساء حدود السلطة؛ ففي أثناء الحرب الأهلية هربت أرسينوي من القصور مع معلمها الخاص جانيميد وانضما إلى القوات التي كان يقودها مستشار بطليموس الثالث عشر، أخيلاس، وأعلن توليها الملك (ديو كاسيوس 42. 39. 1). نشأت الخلافات واستولى جانيميد على السلطة من أخيلاس والمستشار الآخر بوثينوس؛ أعدم يوليوس قيصر هذين المستشارين؛ مما جعل جانيميد البطل الرئيسي. وفي نهاية هذا الفصل على وجه التحديد مات بطليموس الثالث عشر وعادت كليوباترا إلى السيطرة على العرش لكن مع أخيها الأصغر بطليموس الرابع عشر (بينجن 2007: 71). نفيت أرسينوي إلى أفسس في تركيا. يقول يوسيفوس (آثار اليهود القديمة 15، 4. 1. 89) إن أرسينوي، التي حكمت مصر لفترة وجيزة تحت اسم أرسينوي الرابعة، ستعدم فيما بعد بأمر من أختها على يد مارك أنطونيو (هولبل 2001: 236-237، 241). (7) عوامل التأثير على أوائل فترة حكم كليوباترا
تأثر حكم كليوباترا بشدة بسياسات والدها خاصة العلاقة الموروثة مع روما. لم يدم حكمها المشترك مع والدها إلا فترة قصيرة، لكنها كانت كافية لتضمن بها لنفسها منصبا في السلطة ولتجعلها منافسا حقيقيا على عرش مصر. استخدم بطليموس الثاني عشر مشروعات البناء كوسيلة لتعزيز مكانته كحاكم للبلاد، خاصة في الجنوب بين النخبة المصرية. استكملت ابنته بعضا من هذه المشروعات، كان أشهرها في دندرة، بدأ قبل أربع سنوات من وفاته ولم ينته حتى العصر الروماني (أرنولد 1999: 212-213). أحد مشروعات البناء الأخرى واسعة النطاق كانت الإضافات إلى معبد حورس في إدفو، التي بدأت في أوائل فترة حكمه في 2 فبراير عام 70 قبل الميلاد (أرنولد 1999: 216-220). فقد بنيت بوابة تذكارية وفناء، عملا بمثابة ساعة شمسية، في هذا المعبد . كان الفناء محاطا ببوابة تذكارية ربما انتهى العمل فيها في فترة حكم كليوباترا (أرنولد 1999: 220). كانت البوابة التذكارية (شكل
3-9 ) مزخرفة في الأصل بالأسماء المصرية لكليوباترا ترايفينا، لكنها أزيلت عقب فقدانها شعبيتها (هس 1990). تظهر الصور المتبقية بطليموس الثاني عشر وهو يضرب أعداءه بالأسلوب المصري التقليدي أمام الإله حورس. في مدينة قفط بنى بطليموس الثاني عشر بوابة جنوبية وجدارا تطويقيا، لكن يوجد اعتقاد عام بأن الزخارف لم تكتمل حتى عصر الرومان (أرنولد 1999: 216). توجد قوالب صخرية أيضا تنسب إلى بطليموس الثاني عشر في الموقع (متحف بتري كلية لندن الجامعية 14523)، ربما من البوابة الجنوبية، وربما تكون لها علاقة أيضا ببناء ضريح الإله جب. ربما تكون كليوباترا أيضا قد أقامت ضريحا للإله جب في مدينة قفط.
شكل 3-9: معبد حورس في إدفو. تظهر على البوابة التذكارية صورة لبطليموس الثاني عشر وهو يضرب أعداءه.
شكل 3-10: ضريح الإله جب في قفط. تظهر كليوباترا وحدها وهي تقدم القرابين إلى الآلهة. متحف بتري للآثار المصرية، كلية لندن الجامعية.
لم تظهر كليوباترا اهتماما باستكمال مشروعات أخرى بدأها والدها أو ارتباطا بها، ويقال إن الملكة كانت تستهدف آلهة معينة (راي 2001). ويبدو أيضا أن كليوباترا لم تستخدم معابد والدها كوسيلة لتقوية صلتها به. يمكن أن نرى هذا في الزخارف الموجودة في دندرة، التي اختارت أن يظهر فيها ارتباطها بشريكها الجديد في الحكم وخليفتها المرتقب بطليموس الخامس عشر. يوجد استثناء واحد محتمل لهذه الملاحظة؛ وهو ضريح الإله جب في قفط (شكل
3-10 ). على عكس النقوش البارزة التي ظهرت فيما بعد في المعبد في دندرة، حيث كانت كليوباترا تقف خلف ابنها بطليموس الخامس عشر، أو تظهر أنه شريكها الوحيد في الطقوس الدينية، فإن الملكة تظهر في ضريح الإله جب مستقلة عن شريكها في أجزاء منفصلة من النقوش بدلا من ظهورها معه. يظهر الحاكم الذكر أيضا وهو يقف وحده يقدم القرابين في جزء آخر من الجزء الداخلي المزخرف من المحراب. يظهر اسم كليوباترا كذلك بينما تمارس الشعائر الدينية وحدها على بوابة أحد المعابد غير المعروفة التاريخ من مدينة كلابشة (بيانشي 2003: 15). (8) إهداءات كليوباترا في أوائل حكمها (8-1) قفط
অজানা পৃষ্ঠা