من عقدة الثمر إلى لبتها إلى شحمتها إلى قشرتها، على ناموس القضاء والقدر في باب الحتم المقضي من كتاب السماء، وعلى ناموس النشوء والارتقاء في باب الهذيان العلمي من كتاب الأرض.
وكما تكون تحت الوسائد كنوز أحلام الليل، تكون في هذه الحياة أحلام الكنوز الخالدة التي يملأ الأرض كلها ضوء لؤلؤة واحدة منها.
تطلع الشمس تلمع على الناس كأنها فص خاتم السماء تشير به أن تعالوا إلى الكنز في ضوء هذه الياقوتة الصغيرة! •••
الحواس زائغة متراجعة مقلوبة، وهذا هو نظامها ونسقها واستواؤها؛ فليس من أحد في هذا الكون الموجود إلا وهو ناظر إلى كون غير موجود.
السماء سموات، والأرض أرضون، والأكوان عداد العقول، وكل أمل في رأس مخلوق يزيد عنده الدنيا أو ينقصها ويغير من الخليقة ويبدل، وكل إنسان في كل يوم هو إنسان يومه ذلك، فكأن كل حي من كل حي غلطة، وآمالنا كأرقام الساعة، هي اثنا عشر رقما محدودة، ولكنها في كل دقيقة هي اثنا عشر رقما، فلن تنتهي!
والحياة خداع وغرور، وزيغ وخطأ، وعمل وعبث، ولهو ولعب، ومهزلة وسخرية، والناس كالأرقام تخط على هذا التراب ثم يقال للعاصفة: اجمعي واطرحي وحلي المسألة! •••
وأين كل ما صبته الشمس والكواكب من نيرانها، وما أخرجته فصول الأرض من وشيها وألوانها، وما هتفت به الطير من أغاريدها وألحانها، وما تلاطمت به الدنيا من أمواج إنسانها؟ وأين ما صح وما فسد، وما صدق أو كذب، وما ضر أو نفع، وما علا أو نزل؟ في كل لحظة تمتلئ هذه الدنيا لتفرغ، ثم تفرغ لتمتلئ، وماضيها ومستقبلها مطرقتان يمر بينهما كل موجود لتحطيمه!
وكأن الحياة ليست أكثر من تجربة الحياة زمنا يقصر أو يطول، وما العجيب أن لا تفلح التجربة في أحد، ولكن العجيب أن لا تنقطع وهي لا تفلح!
والعالم كالبحر من السراب يموج به أديم الأرض بما رحبت، ثم لا تملأ أمواجه ملعقة، والحقيقة في كل شيء لا تزال تفر من تحليل إلى تركيب، ومن تركيب إلى تحليل؛ لأن شعور أهل الزمن بالزمن لا يحتمل المعنى الخالد.
ولعل سبب الموت أنك لا تجد إنسانا يعيش في حقيقته الإنسانية، فلا هذه الحقيقة يسرت له كاملة ولا هو خلق لها كاملا. وفي الإنسان كالطبيعة أرض وسماء، فترابه لا يتغشاه مما فوقه غير الظل، وقد خلق مقسوما، فشقة منه في أرضه وشقة في سمائه، فإذا حضره الموت ضرب الضربة بين هاتين فأخذت السماء السماء وجذبت الأرض الأرض.
অজানা পৃষ্ঠা