============================================================
والمغيب، وقد تقدم مثل هذافى غير هذا الباب، ويشعر مع ذلك نفسه ويجعل نصب عينه خوف العقوبة ورجاء المثوبة فى عاجل الدنيا وفى آجل الآخرة فيما يعمله ويقوله وينويه ويسره ويجهره، حتى كأن الجنة والنار وما يرجى ويخاف فى الدنيا من ثوب آو عتاب بين يديه ونصب عينيه، وأعماله قد دونت وأحصيت له وعليه، وأنه قد أدنى من الحساب ، وجوزى باستحقاقه عليها من الثواب والعقاب ، ويتذكر ويتفكر ويتدبر وينظر ما بين خيرقليل دائم له فى دنياه موصول له بالنعيم الباقى فى أخراه ، وبين لذة يستعجلها، ونهمة يتقدمها، ورغبة يصل إليها، تعقبه انقطاع الخير العاجل له : وتوجب العذاب الدائم فيه ، مع حسن الثناء فى الدنيا على أهل الفضل والامانة وسوه القول فى 6 أهل الشر والخيانة، مع أن ما تفيده الخيانة من حطام الدنيا: كالسراب الوائل فيها، والزبد الذاهب جفاء منها، والبركة كل البركة فى الحلال، وهذا معلوم موجود فى اكثر هذه الاحوال، مع واجب امتثال أمر الله تعالى فى ذلك إذ يقول فى كتابه : * الذين إن مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، (1) . وقوله تعالى : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الآمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ، (2) وقوله : *إذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا"(3) . وكثير من ظائر ذلك فى كتاب الله جل ذكره وقول رسول الله صلى الله عليه . وما تدبر هذا وماقدمنا ذكره فى هذا الباب عاقل إلا تبين له وجه الصواب فيه ، وما يعمى عنه إلا الرعاع ومن جهل حظه، وكان بالبهائم آشبه منه حاسة ومعرفة من بنى آدم ، فإن قول أمثال من كانت هذه حاله فى مثل هذا المعنى : أنفع الأشياء لك عاجل يومك . وكسرة مستحجلة خير من خبزه مؤجلة، (1) سورة الحج 41/22 (2) سورة النساء/8 (2) سورة الانعام 102/6
পৃষ্ঠা ১৩৬