سلمنا، لكن هنا لطف آخر فلا يتعين الإمامة للوجوب؛ لأن الإمام معصوم، فعصمته إن كانت لإمام آخر[تسلسل، وإن كانت لا لإمام] (1) ثبت المطلوب؛ لأن امتناع الإمام من المعصية وترك الواجب لا يتوقف على الإمام، بل له لطف آخر.
لا يقال: إنا نعلم بالضرورة أن غير المعصوم احترازه عن فعل القبائح وفعله الطاعات عند وجود الإمام أتم.
لأنا نقول: جاز أن يكون في بعض الأزمنة القوم بأسرهم معصومين فيه، فلا يكون نصب الإمام هناك واجبا؛ لقيام العصمة مقام الإمام في ذلك الوقت، فجاز في كل وقت، فلا يتعين وقت من الأوقات لوجوب نصب الإمام على التعيين.
ولأنه جاز أن يكون غير العصمة سببا في الامتناع عن الإقدام على المعاصي.
سلمنا، لكن هاهنا ما يدل على أنها ليست لطفا؛ وذلك لأنها إما أن تكون لطفا في أفعال الجوارح، أو في أفعال القلوب، والقسمان باطلان.
أما الأول فعلى قسمين؛ لأن القبائح منها ما يدل العقل عليها، ومنها ما يدل السمع عليها. فإن جعلتم الإمام لطفا في الشرعيات لم يلزم وجوبه مطلقا؛ لأن الشرع لا يجب في كل زمان، ووجوب اللطف تابع لوجوب الملطوف فيه.
وإن جعلتموه لطفا في العقليات، فنقول: القبائح العقلية إن تركت لوجه وجوب تركها كان ذلك مصلحة دينية، وإن تركت لا لذلك كان مصلحة دنيوية؛ لأن[في] (2)
ترك الظلم والكذب مصلحة دنيوية ضرورة؛ لاشتماله على مصلحة النظام.
لكن معنى ترك القبيح لقبحه هو أن الداعي إلى ترك الظلم هو كونه ظلما، وذلك من صفات القلوب.
পৃষ্ঠা ৫৭